قال ابن عمر: اطلع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال (وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فقيل له: تدعوا أمواتاً؟ فقال (ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون).
وعن عائشة، قالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول حق) وقد الله إنك لا تسمع الموتى.
انتهى ما أورده الإمام البخاري في صحيحه في ٢٣ - كتاب الجنائز - ٨٧ - باب ما جاء في عذاب القبر. وقال أستاذ الدنيا في علم الحديث (الحافظ ابن حجر العسقلاني) في كتابه قاموس السنة المحيط (فتح الباري) ما نصه:
هذا مصير من عائشة إلى رد رواية ابن عمر المذكورة. (وقد خالفها الجمهور في ذلك، وقبلوا رواية ابن عمر، لموافقة من رواه غيره عليه) وأما استدلالها بقوله تعالى - إنك لا تسمع الموتى - فقالوا: معناها لا تسمعهم سماعاً ينفعهم، أو لا تسمعهم إلا أن يشاء الله. وقال السهيلي:(عائشة لم تحضر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم) فغيرها ممن حضر أحفظ للفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد قالوا له: يل رسول الله! أتخاطب قوماً قد جيفوا؟ (فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم). قال وأما الآية فإنه كقوله تعالى - أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي - أي أن الله هو الذي يسمع ويهدي.
وبعد كلام طويل في كيفية عذاب القبر قال:
(تنبيه) وجه إدخال حديث ابن عمر وما عارضه من حديث عائشة في ترجمة عذاب القبر أنه لما ثبت من سماع أهل القليب كلامه وتوبيخه لهم، دل إدراكهم الكلام بحاسة السمع على جواز إدراكهم ألم العذاب ببقية الحواس، بل الذات، إذ الجامع بينهما وبين بقية الأحاديث أن المصنف أشار إلى طريق من طرق الجمع بين حديثي ابن عمر وعائشة، بحمل حديث ابن عمر على أن مخاطبة أهل القليب وقعت وقت المسئلة، وحينئذ كانت الروح قد أعيد إلى الجسد. وقد تبين من الأحاديث الأخرى أن الكافر المسئول يعذب. وأما إنكار عائشة فمحمول على غير وقت المسألة. فيتفق الخبران. أهو قول الحافظ.