كن أربع غيد عذارى فاتنات ناعمات يتحدثن ويسمرن في مجلس خامستهن، وقد جئن يهنئها بخطبتها وكن أخص صواحبها
قالت حورية - وهي غرة صغيرة، خفيفة الظل - تخاطب العروس: فعلِتها يا عنان؟
فابتسمت عنان بفمها وعينيها ابتسامة أشرق بهاؤها وقالت في حياء وفرح: العقبى لكن جميعاً
فاندفعت ثريا - وهي ضاحكة تحب عنان وتؤثرها - تقول وتضحك: تلك حال الدنيا يا عنان. . . وكلنا لها، فضحكن جميعاً ضحكاً حلواً مُرِنَّا كالغنم الأغن. فإجابتها عنان:
- هذا عزاء يقال للمسكين الذي يبتليه الله بك يا خرقاء. . . ثم لما صفا المجلس من هَذَر ثريا ومجونها أقبلن على عنان ورجونها في شغف أن تحدثهن كيف أتم الله نعمته عليها. فبدأت تقص عليهن وقلبها يقفز من الفرح، فتسَّاقط الألفاظ من فمها الصغير مبتورة ضائعاً نصفها في شهقة خفيفة ما كانت تقوى أن تخفيها من فرط ما تحس به من سرور وفرح. . . ولم تفت حالها ثريا فقالت: ما هذا يا عنان؟! اثبتي لو رآك خطيبك لطمع فيك ولا استثمر لنفسه تلك الفرحة التي تفيض من عينيك فَذَلَّكِ وخضَّعك. . . أنت فرحة أكثر من اللازم كل جارحة فيك تهتز حتى كلامك يخرج مهتزاً مدغوماً. . . انظرن قلبها كيف يرقص من خلال عينيها، ووجهها كيف يضحك كله كأن قد انتخبت نائبة في مجلس النواب أو سفيرة لبلادها!! خفضي عليك يا عنان فهو رجل. . . رجل لا أقل ولا أكثر. . .
فقالت عنان في نشوة ظاهرة وإيمان صادق:
- اسكتي يا مجنونة اسكتي. . . حين ذهب عنكن الرجل، وحين تبيَّنُتن أنه جاد ولن يرجع، رُحُتن تنشدن السلوى عنه في السفارة والنيابة. . . والله لو أنا أبوك لبحثت أنت عنه في النواب ثم خرجت به. ما كان أجمل أن يبحث هو عنك. . . أما أنا فلقد ظفرت برجل يا ثريا