نال المازني إجازة التدريس من مدرسة المعلمين العليا (١٩٠٩) وهو إذ ذاك شاب في التاسعة عشرة لم يطر شاربه، فكان يستعجل مظاهر الرجولة في نفسه. . (فأحلق وجهي ثلاث مرة في اليوم لعل ذلك يعجل بإنبات الشعر، فقد اشتهيت أن يكون لي شارب مفتول وخدان كأنما سقيا عصير البرسيم!).
وكان من أوائل المتخرجين فعينته الوزارة مدرسا للترجمة بالمدرسة السعيدية، ومنها نقل إلى المدرسة الخديوية. وكلفته الوزارة في ذلك الحين تدريس مبادئ اللغة العربية للأساتذة الإنجليز بمدارسها فترجم لهم فصولا من كتاب (كليلة ودمنة) غير معتمد في ذلك على الترجمة الإنجليزية كما يقول الأستاذ العقاد.
ولم يلبث أن وقعت بينه وبين وكيل المعارف جفوة نقل على أثرها إلى مدرسة دار العلوم. وكان هذا النقل في ظاهره (ترقية) وإن لم يكن كذلك في حقيقته، لأن مهمته فيها كانت تدريس مبادئ الإنجليزية لطلبة دار العلوم. ولم يسترح المازني إلى هذا التكليف فكان من الأسباب التي حملته على ترك وزارة المعارف بعد ذلك بقليل.
ولا شك أن تلك الجفوة تدلنا على ما كان يعتصم به المازني من الإباء والضن بالكرامة في وسط شارع فيه التزلف والرياء. وقد كان المستشار الإنجليزي (دنلوب) في ذلك الحين رب الوزارة والحاكم بأمره فيها، فلم يكن كبير أو صغير إلا ويرهب صولته ويتقي غضبه. ولكن المازني لم ير فيه ما يرهب أو يخيف حين دعي يوما لمقابلته ليسأله المستشار رأيه