لا أريد بتلخيص هذا الكتاب تعريف القراء بالكاتب العبقري ويلز، فويلز ليس غريباً عنهم. لقد سمعوا المحاضرين يتحدثون عنه بكل تجلة واحترام، وقرءوا الكتاب يستقون من نبعه الصافي آراء ثاقبة في علم الاجتماع وفي علم التاريخ وحول مستقبل الإنسانية، وترجم له كثير من الروايات البديعة التي كان فيها نسيج وحده. ولو أنني قصدت ذلك لأصاب مقالي الفشل، لأن عبقرية ويلز المحيطة لا تبدو جلية واضحة في مقال قصير، ولا يعبر عنها تلخيص كتاب أصدق تعبير.
أريد بهذا العرض الموجز أن يكون مقدمة مناسبة للبحث (حول أبعاد الحيز) وهو بحث قيم في فلسفة الرياضيات يجدر بكل مثقف أن يطلع عليه، وبودي أن أطلع عليه قراء العربية بواسطة الرسالة الغراء إن اتسع صدرها لمثل هذه الأبحاث.
ولسنا في حاجة للقول أن ظهور هذا الكتاب منذ زمن بعيد أي نحو سنة ١٨٨٨ لا يغض من قيمته، فالآثار الخالدة لا تعرف الزمن ولا تقف روعتها عند ما تهرم أو يبلغ عمرها سناً بعينها، وآلة الوقت طليعة موفقة لروايات أتحف بها ويلز قراء العالم أجمع، وهذه الروايات تتميز أول ما تتميز بالفكرة العلمية في بوتقة الأدب الحي والخيال الرائع والتصوير الصادق. ولا أكتم أن تبيين هذه الفكرة العلمية في آلة الوقت هو رائدي أولاً وآخراً.
نحن في أمسية صاحية، وقد جلس مخترع (آلة الوقت) بين نفر من صحبه ينعمون بدفء الغرفة وإشعاع الخمر في كاساتها ويتناوبون الحديث فنسمع أول ما نسمع مخترع (آلة