للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قائد الأسطول المصري في عهد صلاح الدين:]

حسام الدين لؤلؤ

للأستاذ أحمد احمد بدوي

حسام الدين لؤلؤ من جند مصر في عصر الدولة الفاطمية، أعجب صلاح الدين بشجاعته، فأسند إليه قيادة الأسطول، وكان السلطان قد عنى بأمر الأسطول، وأفرد له ديواناً خاصاً، وعين للإنفاق عليه موارد ثابتة، فكان الاختيار موفقاً، لأن حسام الدين كان شجاعاً خبيراً بالبحر والقتال فيه، فسار النصر في ركابه، وصاحب خطاه النجح والتوفيق، وسجل له التاريخ معارك انتصر فيها على الفرنج عند ساحل الشام.

وكان صلاح الدين يرسل إليه كي يهاجم أسطول الفرنج حيناً، أو يحاول بينه وبين إيصال المدد إلى من بالشام من الصليبيين حيناً آخر، أو ليضطر جيشهم إلى الدفاع عن الساحل بينما صلاح الدين يهاجم جيوش الفرنج بالبر، فيلزم عدوه أن يقسم قوته، ويصد هجومين في وقت واحد معاً، وهكذا كان الأسطول وعلى رأسه لؤلؤ إحدى يدي صلاح الدين وجناح جيشه.

واشتهر لؤلؤ في معركة عكا، وساهم فيها بالنصيب الأوفى، فعندما حاصرها العدو سنة ٥٨٥ أرسل صلاح الدين في طلب الأسطول فقدمت منه خمسون قطعة على رأسها البطل البحري، فانقض على أسطول الصليبيين وبدده، وظفر ببطستين كبيرتين بما فيهما من الأموال والرجال والقلال، وقويت نفوس أهل المدينة بقدوم الأسطول واستظهروا برجاله على العدو، وكانوا زهاء عشرة آلاف، وظل الأسطول يكافح في المعركة، يحارب حيناً ويجلب المسيرة والإمداد حيناً آخر.

وكان مما خلد ذكر هذا القائد ما دار بينه وبين الصليبيين في البحر الأحمر سنة ٥٧٨، ذلك أن صاحب الكرك، وهو من ألد أعداء المسلمين، وأشدهم نكاية فيهم، فكر في مهاجمة المسلمين في البحر الأحمر، ظناً منه أنهم غير مستعدين فيه، وتأديباً لحامية أبلة التي كانت تغير عليه، ولا سبيل له عليها، لأنها تقيم بقلعة في جزيرة وسط البحر، فبنى سفناً، ونقل أخشابها على الجمال إلى الساحل، وجمعها في أسرع وقت، وشحنها بالمحاربين وآلات القتال، وسارت السفن وقد اقترنت فرقتين: أقلت إحداهما على حصن أبلة تحصره وتمنع

<<  <  ج:
ص:  >  >>