هذا الكتاب الصغير أصدره فضيلة الشيخ جلال الحنفي رئيس جمعية الخدمات الدينية والاجتماعية في العراق، وبالرغم من أن هذا الكتاب يغلب عليه الطابع العلمي إلا أن أسلوبه كان رائعاً حقاً، فالشيخ الحنفي من المتأثرين إلى حد بعيد بأسلوب أستاذنا الزيات صاحب الرسالة، فهو يقتفي آثاره ويترسم خطته، ولا أدل على ذلك مما جاء في العدد الأخير الصادر بتاريخ ٨ تموز سنة ١٩٥٢ من الصحيفة التي تصدرها الجمعية التي يرأسها الحنفي حيث يقول:(. . . واحترامنا الفائق للأستاذ الزيات وإيماننا بأسلوبه الجميل وبلاغته المشهودة. . . الخ)، والأستاذ الحنفي لا يترك فرصة تفلت من يده دون أن يشيد بأسلوب الزيات الرائع، وديباجته الساحرة، وفنه اللامع
والحنفي في كتابه هذا يعالج مشكلة من مشاكلنا الاجتماعية التي عالجها الإسلام، فكتابه هذا لم يكن بالكتاب العادي، فهو غير عادي في دروسه وأحكامه، لما يتناول من القضايا التي تهم جزءاً كبيراً من البشرية في حياتهم كل يوم
يقول في فصل (الحياة كفاح) لا نغلو إذا قلنا إن الإسلام كان أول دين سماوي عني - بصورة دقيقة - بمثل هذه النواحي الحيوية، وذلك لأن الإسلام قام على فلسفة عميقة في توجيه الإنسان إلى فهم الحياة. فالحياة في الإسلام كفاح في سبيل تثبيت دعائم السلام والفضيلة والإنسانية، وهذه الأقاليم العظيمة لا تستقر إذا كان الدعاة إليها مضرى، ولا تستمر إذا كان العاملون عليها يلتحفون ملاحف الهزال والضنى والعلة، إلى آخر هذه الكلمات التي تفيض بالحكمة وتحض الناس على التمسك بالصحة وفهم الدين على وجهه الصحيح
والواقع أن هذا الكتاب من الكتب التي يعتز بها، ولست أشم أبداً في أنه إذا ما انتشر في البيئات الإسلامية حق الانتشار خليق بأن يوقظها على آفاق جديدة، وأن يحدث في جنباتها