(إذا أراد العالم أن يكون مؤرخاً، فعليه أن يكون رجل
اجتماع. . .)
للأستاذ فؤاد عوض واصف
التاريخ. . . ما هو؟ عنوان سبقنا إليه العلامة الألماني لامبرشت؛ فلعله كان من بين الذين أثارهم ذلك التضارب المثير والاختلاف الكبير بين اتجاهات التاريخ المختلفة، حتى لقد احتار طلاب العلم ولم يدروا، أهو أنف كليوباترا الدقيق الذي غير مجرى التاريخ المصري القديم، أم هل عوامل طبيعية وجغرافية لم يكن لسحر كليوباترا وجمالها دخل فيه، أم هو الشعب أقام التاريخ المصري القديم كما أقام كليوباترا وأقعده كما أقعدها؟
التاريخ. . . ما هو؟ هل هو الإنسان بما ركب فيه من ميول ونزعات تنمو تارة فيزدهر التاريخ، وتضمحل أخرى فتضيع أصداؤه؟ أم هي الطبيعة بجبالها وأنهارها بغاباتها وأشجارها، ينمو التاريخ في أحضانها مزوداً بأعاصيرها ورياحها بثورتها وهدوئها، أم هو المجتمع يتمخض عنه التاريخ (كما يتمخض الناتج الكيميائي عن مزيج من العناصر)، دون أن يكون للفرد فيه أو للعوامل الطبيعية غير دور ثانوية؟. . .
التاريخ. . . ما هو؟
كان التاريخ في عهوده الأولى عبارة عن مقطوعات نثرية لا تقرر الواقع، وكانت أغلب القصص التي تروى في ذلك الحين مختلفة، وكانت المعابد مكانا تسجل فيه بعض الأحداث ومعجزات الآلهة. أما في روما، فكان أكثر ما يشغل الشعب الأخبار السياسية، ولذلك كانت تدون على جدران المعابد
وجاء المؤرخون الأول من بلاد أيونا، واشتهروا بأسفارهم ورحلاتهم العديدة التي كانت عمادهم في جمع الأخبار وتسجيلها. ومن هؤلاء هيرودوت أبو التاريخ الذي طاف بعدة بلاد، وزار مصر حيث تعرف إلى كهنتها، فكانوا له أكبر العون، وأمدوه بالقصص المختلفة وأخبار الآلهة ووقائع الحروب. وجاء بعد هيرودوت توكيديدس واكزنوفان وغيرهما،