الفاضل الأستاذ (الزيات)؛ اقتراح لو أخذ به لسد نقصاً يشعر
به كل من عالج تعلم اللغات الأجنبية في عصرنا الحديث. وقد
وفى الأستاذ الموضوع حقه؛ فأبان حاجتنا الماسة للترجمة في
الأدب وفي العلم. وأني لأستميحه أن أضيف إلى آرائه القيمة
بعض أفكار تواردت على ذهني حين قرأت اقتراحه:
إن حاجتنا إلى النقل من اللغات الأجنبية ليست وليدة اليوم، وإنما شعرنا بها من يوم أن دب في بلاد الشرق دبيب الحياة وأخذت بعد سباتها العميق تستيقظ وتتصل بالغرب. عندئذ أدرك الآخذون بأسباب من العلم والمعرفة أن نهضتنا لن تقوم وتنجح إلا إذا قبسنا من نور الغرب، فأخذت ترجمة الكتب ولا سيما الأدبية تترى. وسار كل غيور عللا رفعة وطنه في هذا التيار حتى رأينا كثيراً من الكتب النافعة نقلها من اللغات الأجنبية جلة العلماء في عصر المغفور له (محمد علي باشا)، ولكن لم تكن هذه الكتب القليلة العدد شيئاً يذكر إن ووزنت بما كنا في حاجة إليه إذ ذاك. ثم خطت الترجمة بعد ذلك خطوات واسعة غير أن أغراضها تنوعت، وصار للعنصر التجاري فيها شأن أي شأن. فكم من قصة ترجمت لم يقصد بها العلم وإنما قصد بها الربح! وساير ترجمة الكتب انتشار الصحف والمجلات لا تزال تعول على الجرائد الأعجمية في كثير من موضوعاتها
نجم عن ذلك كله أن اتسعت دائرة الترجمة إلى اللغة العربية اتساعاً يبعث كثيراً من الأمل في نفوس ذوي الغيرة الوطنية. بيد أن أكثر القائمين بأمر هذه الترجمات لم يكن بصيراً باللغة العربية التي ينقل عنها. فكانت تستعصي عليه لذلك ترجمة كثير من الأساليب التي