[من وراء الستار]
ليلة الزفاف
للأستاذ إبراهيم العريض
حفَّتْ بها النِسْوَةُ في جلْوةٍ ... زيَّنَها الحبُّ لأسْحَارِهِ
كلُّ لسانٍ سالَ في غُنَّةٍ ... يلْهجُ بالنُّعْمَى إلى جاره
هُنَّ عَصافيرُ الهوى كلماّ ... نوَّرَ زغْرَدْنَ لنُوَّاره
في غرفةٍ تُدْنِي مرايا على ... سُدَّتِها الفارِهَ للفاره
ضاحكةِ الأنوارِ. . . لولا الذي ... يدُخَّنُ العودُ عَلَىَ ناره
وفاحَ منه أرَجٌ ناعِمٌ ... أثْقَلَ جفْنَيْها بأَسْراره
كأنما زفَّ ربيعُ الصَّبا ... لأَنسها أحْسَنَ أَزْهاره
وطافَ أتراب لها أرْبَعٌ ... بالدُّفَّ، يوحِيني بأخْباره
يعْطْفنَ للنَقْرَةِ صدرْاً. . . وكم ... فزَّ به ما تَحْتَ أزْراره
يُظْهِرْنَ باللَّمْحَةِ في الرقص ما ... حالت أمورٌ دونَ إظهاره
من شاهَدَ الطاوُوسَ يختالُ في ... ألوانه. . . لِبَعْضِ أوْطاره
وكانَ في كُرْسِيَّهِ جنْبَها ... حقيقةً قامتْ إزاَء الخيالْ
ينُازِعُ الطرْفَ - فلا ينتهي ... إلا إليها - رغْمَ طُولِ المِطال
وهل تمَلُّ العَيْنُ من مَشْهدٍ ... باركهُ في الُخْلْدِ ربُّ الَجمال
فَتْنسِجُ الأنوارُ مِن عيْنِه ... خُيوطَها في سُدفاتِ الظِلال
وهْيَ عَلَى إطْراقِها لا تَني ... تُصَعَّدُ الأنفاسَ وسْطَ الحِجال
تَكادُ لا تُبْصِرُ من حَوْلها ... شيئاً سوى إحْساسِها بالجلال
وجيَء بالوَرْدِ فمَدَّتْ له ... من بينها واحِدةً في دَلال
فمسَّها مسَّا رفيقاً، وفي ... ناظِرهِ البرَّاق عْينُ السُؤال
وارْفضَّ من جرَّاءِ إِشْفاقِهِ ... جبينُ كلٍّ منهما باللآل
حتى إذا أمْطَرَها فِضَّةً ... على الوصيفاتِ فعمّ النَوال
قُمْنَ إلى الأزهار ينْثُرنْهَا ... وهنَّ ينشِدْنَ نشيدَ الوصَالْ: