نشيد الوصال
(يا طائر ألبان عَلَى بأنه ... قد حفَّكَ الرَّوْضُ برَيْحانِهِ
فضاحِكِ الأيامَ في ظِلَّهِ ... ما دامَ يعْلوكَ بأفنانه
لِلْحُسْنِ مِرآةٌ. . أتَرْضَى بانْ ... يُصْدِئها الدمْعُ بِتَهتانه
فداعِبِ الُبرْعُم حتى إذا ... تفتَّقَتْ أوراقُه. . . دانه
ونادِمِ البُلبُلَ ما دامَ في ... نشوِته يُفْضِي بِأَلّحانه
فخْيرُ يوْمَيْك الذي ينقضي ... عرْبدَةً ما بين نُدْمانه
هَيْهات! ما دامتْ لِذي سَكْرَةٍ ... سَكْرَتُه إلا بإِدْمانه
لا تَطْوِ بالصَّمْتِ ربيعَ الصَّبا ... فلَيْسَتِ العَوْدَةُ من شانه
عمَّا قليلٍ ينمحي كلُّ ما ... تراهُ من ثابِتِ ألْوانه
أعِنْدَكَ الجامُ ولا تقْتِني ... حرارة من ضَوْءِ نيرانه
فَما الليالي في سنِين الصبا ... إلا دُخانُ النَدَّ في حانة)
وعِنْدَ ما أتَممْنَ إنشادَهُ ... وفُزْنَ من ثَغْرَيْهمِا بابِتسَامْ
وقُمْنَ صفَّينِ لِيَعْرِضْنَهَا ... فنانةُ تُغْرِي بحُسْنِ القِوام
توسَّطَتْهُنَّ على غِرَّةٍ ... كَشُعلةٍ تلْعَبُ وسْطَ الظلام
في حُلّةٍ خَضراَء نمَّت على ... ما تحتَها من بشْرَةٍ كالرُّخام
ناهِدةَ الثدْييْنِ. . . تعلوهُما ... جوْهَرةٌ زانتْهمُا كالْوِسام
وَرْدِيَّةَ البطْنِ. . . سِوَى ظلَّةٍ ... وارَتْ عن العين بقايا الحزام
فلم تزَلْ تلْوِي يديها على ... صورةِ غُصْنٍ مالَ ثم استقام
تُزاوجُ اَلْخطْوَ على هينة ... وتارةً تحْجِلُ حجل الَحمام
وكلماَّ دارَتْ بمنديِلها ... ظلَّ كَمَوْجٍ حوْلها في الْتِطام
والعِرْسُ يُلْقِي نحْوَها طرْفَهُ ... فَيَرْشِفُ الصهباَء من غير جام
حتَّى أرتْهُ كيْفَ تُطْوَى الحشا ... للرَّعْشِة الكُبْرَى كمِسْكِ الختام
وانتبذتْ تدعوُ شريكاتها ... أن يُترَكَ المغْنَى لِعُشَّاقِهِ
فسِرْنَ في آثارها زُمْرَةً ... وهنَّ يبْسَمَنَ لإطْرَاقه