حتَّى تسلَّلْنَ جميعاً. . . ولم ... يبْقَ رقيبٌ غيْرَ خلاّقه
وانتدَبتْ للبابِ إنْسَانةٌ ... لِتُحْكَمِ الستْرَ بإِغلاقه
فغُودرَ النَّجْمُ إلى نفِسهِ ... يسْبح في ظُلْمَةِ آفاقه
ومدَّ يُمناه إلى شَعْرِها ... يُمِرُّها في طيبِ أعْراقه
مُسْتنشِقاً جُمَّتها كلماَّ ... أنفاسُه ضاقَتْ بأشْواقه
ولم يَزَلْ يَعْطفِهُا رْيثمَا ... أنْزَلَتِ الرَّأْسَ على ساقه
واسْتقبلَتْهُ بمُحَيّا بدا ... كالوَرْسِ في حالةِ إشفاقه
مضطِربَ اَلْجفنِ حياءً له ... مُغرَوْرقَ العَيْن لإشراقه
فنالَ ما يشعُرهُ قلْبُها ... صَداه في أعمقِ أعماقه
وضمَّها مثنى إلى صدْرِه ... ضمَّةَ من يَخْشَى عليها هواهْ
فاكتنفَتها غيْمةُ الحبَّ لا ... تُبْصِرُ في عالَمهِا ما عداه
وأذْنُها فوْقَ حناياهُ لا ... تَسْمَعُ في الدقَّاتِ إلا صداه
وهَكَذا ظلَّ. . . بِمِنِدْيِلِه ... يمْسحُ عن وجْنَتها ما شجاه
وهامِساً في سمْعِها بِعْضَهُ ... وبعضه عند تلاقي الشفاه
(مالكِ - يا خَوْلَةُ - تْبكينَ في ... ليْلِه أُنْسٍ رجَحَتْ بالحياة؟
ناشدْتُكِ اللهِ الذي ضمَّنا ... إلى حياةٍ باركَتْها يداه
إلاّ نفَضْتِ اَلْجفْنَ عن دَمْعِه ... لِتَسْتِطيِعي أنْ تَرَىْ ما أراه
وشاطِري قلبيَ إحساسَه ... لنرْفَعَ الروح معاً في صلاه
أنتِ من الحبَّ جناني. . . فلو ... دُفِعْتُ عنها لَطواني لظاه
ما أرْخصَ العالمَ في ناظِري ... مادُمْتِ قد حقّقتِ أغْلَى مُناه)
ومرَّ بالثغْرِ على جَفْنها ... فأَرْخَتِ الجفْنَ على مائِهِ
وداعَبتْ أنفاَسُهُ خصْلَةً ... من شَعرِها قامت لإغرائه
فأعرضَتْ في خَفَرٍ حيثُ لمَ ... تقْوَ على منْظرِ إفلاَئه
وأشرقَتْ في فَمِهَا بَسْمَةٌ ... كالفجْرِ في مطلعِ أضوائه
ورنَّ في أعْطافِه صْوتُها ... كالماء يجري فوق حصْبائه