لشد ما أتألم حين أتصور وجهك الهادئ المنبسط تغضنه يد الألم،
وروحك الوادعة الساكنة تعصف بها نوبة من الشجي المرير وأنت
تقرأ هذه الخطاب!. . . ولشد ما يزداد ألمي حين أذكر إنني كاتب هنا
السطور وباعث هانه الآلام!!
أنا يا عزيزي ذلك الإنسان الذي كان يحشد لك في رسائله كل رائع وجميل، ويقطف البسمات من ثغور الناس ليحيلها إلى كلمات تبعث المسرة في نفسك، وتوقظ النشوة في عواطفك، وتحمل إليك من معرض السعادة أجمل الصور وأنضر الألوان!!
ولكن الذي يشجعني أيها العزيز أن ما أذكره الآن حقائق لها في دنيا الشعور صيد كبير، وما أجدرنا أن نحترمها مهما كانت قاسية!!
يا صديقي العزيز ما أظن أن فترة في تاريخ صداقتنا الغالية تظفر منك بالاهتمام والتقدير مثل تلك الفترة التي كنا نعمل فيها جادين لدخول مسابقة أدبية عقدتها إحدى الهيئات الثقافية بالقاهرة!
لقد كنا إذ ذاك في لغة الطبيعة نسرين لا ينظران غير الأفق، ولا يجيدان سوى التحليق؛ وفي لغة الصداقة قلبين عرف الحب فيهما نعمة الخلود، وعرف الوفاء بهما نعمة البقاء. وكنا كما شاءت لنا أحلام الشباب، وما أروع ما تشاء تلك الأحلام وتريد!
وما أظن أن يوماً في تلك الفترة ترعاه ذكراك مثل ذلك اليوم الذي كنا نتسابق فيه إلى بائع الصحف لنقرأ رأي لجنة التحكيم في نتاجنا الأدبي الباكر!
لقد تخاطفنا الجريدة إذ ذاك من يد البائع وراحت نظراتنا تنهب صفحاتها في سباق جنوني. . . وتحت عنوان خاص تلاقت نظرتان: أما نظرتك فقد استحالت إلى إطار من الأمل المشرق يضم في حناياه ذلك الاسم المحبوب الذي يزهو في قائمة الفائزين؛ وأما نظرتي فقد ارتدت مذعورة لتدفن أساها في فيض من الدموع. . الدموع التي أرسلها قلبي لتنوب