آه يا صديقي لقد جفت دموعي إذ ذاك والتفت إليك وعلى ثغري ابتسامة قلقة هي أشبه ما تكون بممثل يصعد خشبة المسرح لأول مرة!! ورحت أشد على يدك في حرارة بل، وامتد ثغري إلى جبينك يترجم التهنئة إلى لغة القبلات!
آه يا صديقي لقد عدت أنت إلى منزلك لتضيف إلى أمجادك صفحة ناصعة، وانزويت أنا في منزلي أتلمس معاني الخذلان في هذا الوجود!!
النجوم تتراءى أمام عيني وكأنها تستعطف الليل أن يسدل عليها أستار الغيوم. . أجل فلاشك أنها تستشعر الخذلان أمام هذا البدر المشرق الذي لا يفتأ يزهو عليها بأضوائه الألاقة الزاهية.
ولكن ألا يجوز أن يكون هذا البدر هو الآخر مخذولاً ينشر العزاء في رحاب الليل، وأن تكون تلك النجوم دموعه الحارة الذليلة! أجل فلاشك أنه يستشعر الهوان إلى جانب الشمس تلك التي لا تزال تميس بأنوارها كلما أقبل النهار. . أيها الليل إنني أنا الآخر مخذول! ألا يوجد لديك مكان يسعني لأذرف فيه دموعي!!
تلك يا صديقي هي الخواطر التي كنت أتقلب على لظاها في ذلك المساء القلق حتى حمل إلي البريد صباح ذلك خطاباً منك كان ولاشك أثراً من آثار تلك الأحلام التي أغفت أفكارنا الشابة في رحابها الرخية الوارفة!! وها أنت ذا تقول في خطابك:(الآن يا صديقي آمنت أن الصداقة تفعل المستحيل. إنها السائل العجيب الذي يستحيل فيه الصديقان إلى إنسان واحد، وتستحيل فيه آمالهم الرحيبة إلى أمل واحد! أجل يا أخي لا تتردد في قبول ذلك الرأي فأنت أول دليل ألتمسه له. ألم أفز أنا وتخفق أنت في مسابقة واحدة، وبالرغم من ذلك كنت أحس النشوة الغامرة ترعش أناملك وأنت تشد على يدي والفرحة، الفائرة تلهب شفتيك وأنت تقبل جبيني. . لقد كنت أود أن أشكرك أيها العزيز ولكني سوف أشكر الصداقة - الصداقة التي تفعل المستحيل!!).
وهنا يا عزيزي أيحزنني أن أقول لك أن هذه الحرارة التي تحدثت عنها لم تكن إلا حرارة القلب الذي يحترق، وأن هذه الرعشة لم تكن إلا رعشة الطائر الذبيح، وأن اسمك الكريم، أسمك الذي كنت أهتف به حين أراك مثلما يهتف العاشق بأغنية كانت ترددها حبيبته. .