أما السؤال عن الله فهو من الأديب (عبد الستار شمس الدين) الطالب بالجامعة الأمريكية في بيروت، وفيه يقول:(إن الدكتور عبد الرحمن بدوي ألقى محاضرة عن الجانب الصوفي من حياة النبي في قاعة (وست) بالجامعة الأمريكية فقال: إن محمداً رأى ربه عندما بلغ الغاية من عبادته الصوفية، واستشهد بالآيات التالية من سورة النجم. . . (وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى ربه ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى).
فإذا كان ما قال الله صحيحاً فهل الله جسم؟ وهل هذه الصفة الجسمية تجعله واجب الوجود؟ وهل تتعارض هذه مع الآية:(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار).
والمشهور المتفق عليه بين المفسرين - ومنهم أهل السنة والشيعة والفلاسفة - أن المقصود بالرؤية هنا هو الروح الأمين رسول الوحي جبريل:(إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى).
فالإمام الرازي وهو من الفلاسفة يقول:(والمشهور أن هو ضمير جبريل. . . والظاهر أن المراد محمد صلى الله عليه وسلم. معناه استوى بمكان - وهو بالمكان العالي رتبة ومنزلة في رفعة القدر - لا حقيقة في الحصول في المكان، فإن قيل: كيف يجوز هذا والله تعالى يقول: ولقد رآه بالأفق المبين إشارة إلى أنه رأى جبريل بالأفق المبين؟ نقول: وفي ذلك الموضع أيضاً نقول كما قلنا هاهنا أنه صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وهو بالأفق المبين، يقول القائل: رأيت الهلال. فيقال له: أين؟ فيقول: فوق السطح. أي أن الرائي فوقي السطح لا المرئي).
والشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي من كبار علماء الإمامية يقول في مجمع البيان:(معناه: ولا يتكلم بالقرآن وما يؤديه إليكم من الأحكام إلا بوحي من الله يوحى إليه أي يأتيه به جبرائيل وهو قوله: علمه شديد القوى يعني جبرائيل، أي القوى في نفسه وخلقته، عن ابن عباس والربيع وقتادة).