وهذا أيضاً هو المعنى المشهور بين أهل السنة من المقدمين والمحدثين.
أما رؤية الله - من حيث هي بحث مستقل عن تفسير هذه الآية - فهي موضوع كثر فيه الخلاف بين المعتزلة والمتكلمين.
فالمعتزلة عامة يمنعون الرؤية لأنها في رأيهم لا تكون إلا لمحسوس.
والمتكلمون لا يمنعونها، بل يجيزون رؤية كل موجود على اعتبار أن الرؤية نوع من العلم، وأن العلم يحصل بغير اتصال النور بين الرائي والمرئيات.
بعض الفلاسفة من يوافق المتكلمين في ذلك على هذا الاعتبار. قال المازني:(الحق الأول لا يخفى عليه ذاته، وليس على ذلك باستدلال، فجائز على ذاته مشاهدة كماله من ذاته، فإذا تجلى لغيره نوعاً من الاستدلال، وكان بلا مباشرة ولا مماسة كان مرئياً لذلك الغير. . . وإذا كان في قدرة الصانع أن يجعل قوة هذا الإدراك في عضو البصر الذي يكون بعد البعث لمم يبعد أن يكون كائناً مرئياً يوم القيامة من غير تشبيه ولا تكييف ولا مسامعة تعالى عما يشركون)
تكلم أبو البركات هبة الله في كتابه المعتبر عن المدركات، فيقول:(إنما يتم إدراكها للنفس بذاتها عند آلاتها بالتفاتها عنها إلى ذاتها).
يقول:(حتى تنتهي إلى ما يرى كل شئ ويصدر عنه أنوار بأسرها، خفيها وظاهرها، وعلتها ومعلولها، فهو كما هو مبدأ المبادئ، فهو أبعد من أن يرى بالعين، أن يرى، لكونه الأظهر في الوجود، والأسبق بالوجود. فالنفس إذا تطلعت بذاتها نحو مبادئها وعادت إلى جهة بدايتها انتهت بنظرها إليه واستعانت بمبادئها عليه).
وبهذا المعنى يتفق المتكلمون والفلاسفة على أن رؤية الله علم لا يأتي عن طريق العين كما ترى هذه المحسوسات. فليست هي ملازمة للتجسيد ولا تدل عليه. وما البصر الحسي نفسه إلا نوع من الترجمة يمثل لنا ما نحسه ولا يعطينا صورته على التحقيق، ما استطاع القيام معنى الوجود الإلهي في وجدان الإنسان على نحو من المعاني يخلو من كل تجسيد).
ولا أعرف أحداً قال برؤية الله حساً غير جماعة المجسمة الذين يفهمون الوجه واليد كما يفهمون أعضاء الأجسام، وهم فئة لا يؤبه لهم ولا في الدين.
وأما السؤال عن الفاروق خليفة رسول الله، فهو من الأديب (عبد المنعم محمد السيد) بالقسم