للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التوجيهي بمدرسة الثانوية.

يسأل عن مهابة عمر فيقول: (أوردت في الكتاب قصة النبي عليه السلام مع زوجته عائشة وسودة حين لطخت كل منهما وجه الأخرى بالحرير. فضحك النبي ثم أمرهما بأن تغسلا ودهيهما حين مر عمر فناداه النبي. . . وهذه القصة اختلفت أنا والأساتذة في تفسيرها لأنني أرى أنها لا تثبت هيبة النبي لعمر - وإن كان ذلك صحيحاً - لأنني أظن ظناً يرتقي إلى مرتبة الاعتقاد أنه لو رأى رجل غير عمر ودعاه محمد رسول الله إلى منزله لأمر زوجتيه بأن تغسلا وجهيهما. . .).

ونحن مع ترحيبنا بهذه الملاحظة وتقديرنا لذكاء الطالب النجيب في التفاته إليها، نحب أن نلفت نظره إلى شئ غاب عنه، وهو يتكلم عن المهابة وما إليها.

فالمهم في وصف المهابة وما يماثلها من الأحاسيس النفسية، كوصف الجمال أو الدهشة أو الخوف، إنما هو فيما يقوم بالنفس من آثارها قبل كل شئ.

فإذا قال لك أحد: إنني أحببت هذا المنظر لأنه جميل، فليس لك أن تقول له: كلا! إنك لم تحب جماله ولم تشعر بأنه جميل، وإن خالفته كل المخالفة في تصور الجمال.

وإذا قال لك أحد: إنني دهشت لهذا الخبر، فليس لك أن تقول له: كلا! إنك لم تدهش له؛ لأنه لا يدهش.

وإذا قال لك أحد: إنني أخاف الظلام أو أخاف الفضاء الواسع، أو أخاف الحجرات المغلقة، فليس لك أن تكذب خوفه، وإن جاز لك أن تكذبه في أمثال هذه المواضع ولا تخاف

وكذلك حين تقول لنا السيدة عائشة أنه هابت عمر وشعرت بأن النبي يهابه، لا يحق لنا أن نقول لها: كلا. ليس في الأمر ما يدعو إلى المهابة.

وينبغي أن نذكر في هذه القصة - على الخصوص - أن السيدة عائشة امرأة، وأن المرأة أحس لهذه المعاني وأفطن؛ لأنها خلقت لتحس الرجل، ولاسيما جانب المهابة والقوة فيه.

فإذا وقع في نفسها أنها هابت عمر وشعرت بمهابة النبي له، فليس للمهابة دليل نفساني أصدق من هذا الدليل،

وأشار الطالب النجيب إلى قولنا بعد ذلك: (إن من أدب الرسول عليه السلام أنه كان يرعى تلك الهيبة رضى عنها واغتباطاً بها في نصرة الحق وهزيمة الباطل وتأمين الخير

<<  <  ج:
ص:  >  >>