ثم سأل: ماذا تقصد بكلمة (أدب) بالضبط؟ أحسن تقدير هو أم ماذا؟
ويبدو لنا أن الذي دعا الطالب النجيب إلى هذا السؤال ما سبق إلى فهمه من أن الأدب لا يكون إلا من صغير لكبير.
والواقع أن الأدب صفة مطلوبة في كل معاملة، كما تطلب في أدب الراعي نحو الرعية، وأدب السيد نحو الخادم، وأدب العظيم نحو الصغير.
وأدب النبي هنا هو أدب المربي الذي يتعهد أتباعه ومريديه فيهيئ كلاً منهم لما يصلح له، ويقوي فيه ما يصلح مع القوة، ويضعف فيه ما ليس به صلاح له ولا لغيره. ومهابة عمر إنما هي مهابة للعدل والحق والإيمان، فمن الخير أن يبقيها له وينتظر منها النفع للدين ومعتقديه.
وفي الأسئلة بقية ترجع إلى جملة من الكلام على صفات الفاروق، بعد رواية ما قيل عن إقامته الحد على ولده عبد الرحمن
وهذه هي الجملة:(لو كان المصدر واحداً معروفاً بالحذق في القصص لحسبناها من وضعه وتلفيقه. ولكنها سمعت من غير مصدر موثوق به، فهي أقرب إلى الواقع).
والسؤال هو:(أتقصد أنها سمعت من مصدر غير موثوق به أم أنها سمعت من أكثر من مصدر واحد موثوق به؟
وعلى قدر ما كان الطالب موفقاً في سؤاله عن المهابة خانه التوفيق في هذه الأسئلة. فلا يمكن أن يكون المقصود مصدراً واحداً؛ لأننا استبعدنا ذلك، ولا يمكن أن يكون عدة مصادر غير موثوق بها؛ لأننا نقول إنها أقرب إلى الواقع، ولا التباس بعد هذا في المعنى لأننا ننفي وحدة المصدر، وننفي وضعه وتلفيقه ونقول قبل ذلك عن القصة (إننا لا نستغربها في جميع تفصيلاتها إلا حين تطرأ عليها المبالغة التي تتسرب إلى كل خبر من أخبار البطولات المشهورة. . .)
وبعد، فهو على كل حال اجتهاد يدل على حب الفهم والاسترشاد