فن جديد ابتكره حافظ - هجريات حافظ - الشعر السياسي قبل الاستقلال - عبقرية حافظ في مقاومة الاحتلال - الشاعر المظلوم - بقية القول
فن جديد ابتكره حافظ
لم تكن المواسم الدينية ملحوظة في الشعر العربي على نحو ما نرى في هذا العهد؛ فقد كان يتفق أن يهنئ الشعراء ممدوحيهم بقدوم شهر الصيام وحلول العيدين. وتفرد الشيعة بإقامة المآتم يوم عاشوراء بكاء على الحسين
وما أذكر أن الشعراء كانوا يهتمون بالعام الهجري فينظمون القصائد في استقباله، كما كانوا يصنعون في استقبال النيروز، وإنما هي سنة حسنة نشأت في مصر منذ ثلاثين عاماً. سنةٌ دعا إليها فريق من شباب الحزب الوطني وعلى رأسهم (إمام واكد)، وقد استطاع أولئك الشباب أن يحملوا الحكومة على جعل اليوم الأول عطلة رسمية، وهي الفرصة التي أتاحت لحافظ أن يبتكر هذا الفن الجديد
وإنما أعد هذا ابتكاراً من ناحية الالتزام، وأعني أن حافظاً جعل هذا الفن من الفنون الموسمية، فكان يستقبل هلال المحرم بقصيد جديد. ثم عصفت الحوادث فشغلت مصر عن الاحتفال بعيد الهجرة عدداً من السنين، وتناسى حافظ واجبه فلم يقل في عيد الهجرة شيئاً يذكر بالعهد الذي انتفع به في صباه يوم كان قيثارة الحزب الوطني
ثم كان التوجيه الجميل الذي صدر من قلب الملك الشاب فاروق ابن فؤاد، التوجيه الذي يوجب أن تحتفل الحكومة المصرية احتفالاً عاماً تظهر آثاره في جميع البلاد، وتُطلَق فيه المدافع، وترن أصوات الموسيقى في الحدائق والبساتين، وتعد فيه دفاتر التشريف بقصر جلالة الملك، ويتبادل فيه الناس التهاني بأسلوب لم يألفوه قبل هذا العهد
المهم هو النص على هذه الظاهرة الجديدة في الحياة المصرية لنعرف متى ابتدأ الشعراء هذا الفن الجديد، راجين أن تكون لهم تحليقات يفوقون بها مبتكر هذا الفن الجديد