من آيات الكتاب الحي أنه يذكر ويوحي ويستطرد بك إلى مناسبات تشبه مناسباته وأحاديث تقترن بأحاديثه، لأنه يروي عن الحياة الإنسانية وهي متشابهة في كثير من الوقائع، متقاربة في شتى الأزمنة والأعمار. فإذا صدق الكاتب في الحكاية عنها لم يلبث القارئ أن يلمس دليل ذلك في أحاديثه ومناسباته التي تشبه ما في الكتاب من الأحاديث والمناسبات
وكذلك الكتاب الذي بين يدي وهو كتاب (من يوميات محام) لمؤلفه القانوني البحاثة والأديب المبين الأستاذ عبده حسن الزيات
والأستاذ عبده مؤلف معروف بأكثر من كتاب في أكثر من موضوع، فهو مترجم رواية اللصوص للشاعر شلر، ومترجم كتاب (حكايات من الهند) التي ظفرت بتقدير الأدباء، ومؤلف كتاب (سعد زغلول في أقضيته) وهو مرجع في تاريخ القضاء وتاريخ الزعيم
أما كتابه الجديد فقد يوهمك أنه كتاب محامين لأنه (من يوميات محام) كما جاء في عنوانه، ولكنه في الواقع مما يقرأه المحامي وصاحب القضية كما يقرأه من لا يلم بالقانون ولا يعرف ساحة القضاء، لأنه يعني أحياناً بالملاحظات النفسية والاجتماعية كلما عني حيناً بالملاحظات الفقهية والقضائية، وفي كل مسألة من مسائل الخلاف الذي يعرض على المحاكم مسألة من مسائل النفس وقصة من قصص البيوت أو الأفراد
وأدل ما فيه على الحياة كما أسلفنا أنه يوحي ويذكر ويستطرد بالقارئ إلى مناسبات كثيرة. فما قلبت صفحة فيه إلا وقفت عند حادثة تشبهها أو تقاربها أو تدعو إلى التأمل والتعقيب. ففي كل صفحة منه صفحات يضيفها القارئ إليه لو شاء، أو هو ينطوي على قطعة من كل نفس على حد تعبيره في الكلام عن ذكرياته بمدينة بور سعيد
أهدى كتابه (سعد في أقضيته) إلى صاحب الدولة أحمد زيور باشا لأنه كان عضوا في المحكمة التي كان يجلس فيها سعد رحمه الله، وكان المؤلف حريصاً على تسجيل رأي زيور باشا في زميله ورئيسه وعلى الإصغاء إلى ذكرياته في هذا الصدد من خمس وأربعين سنة
فسأل دولته عن جناية الجزيرة الشقراء وقال له: (بأن ما يهمني هو أن الحكم تضمن حملة