فقال غير متردد:(نعم هو سعد كان شديد على رجال الإدارة)
فذكرت تواً أحاديث سعد رحمه الله عن رجال الإدارة، وعجبت كيف تتنبأ طبيعة الرجل بما سيبلوه من بعض الناس قبل عشرات السنين، فقد كان سعد في أحاديثه وخطبه كما كان في أحكامه القضائية شديد الأنحاء على رجال الإدارة والشرطة، وسماهم في بعض خطبه ملوك النيروز الذين يدوم لهم الملك يوما ثم يزول، ولم يكن يعلم وهو يتعقب أخطاءهم بالتنديد من منصة القضاء أنه سيبتلى بهم على منصة الزعامة وسيعاني من تصرفهم أضعاف ما كان ينعاه من ذلك التصرف في شؤون الناس. وقد صدق ابن الرومي حين قال:
وللنفس حالات تظل كأنها ... بما سوف تلقى من أذاها تهدد
فلعل حالة من هذه الحالات هي التي أوحت إلى سعد أن يسبق حوادث الزمن فيقول في أسباب الحكم في قضية الجزيرة الشقراء:(وحيث إن وقوع مثل هذه التصرف بحجة إظهار الفاعل أو كشف الحقيقة أشد خطراً على النظام العام من خفاء الجاني أو تخلصه من العقاب، لأنه لا شئ أسلب للأمن وأقلق للراحة وأزعج للنفوس من أن يعبث بالنظام من عهد إليه حفظ النظام. وحيث أنه لا يصح أن تكون مثل هذه التصرفات أساسا للحكم بل لا يصح غض النظر عن المؤاخذة عليها، لأن ذلك مما يضر بالقضاء ويجعله عوناً للظلم بدلاً من أن يكون نصيراً للعدالة)
وقد طرب زيور باشا وهو يسمع هذا الكلام مرة أخرى بعد خمس وأربعين سنة، فابتسم ابتسامة الصافية كما وصفها المؤلف وقال: هذا كلام سعد. . . والفرنسيون يقولون الأسلوب هو الرجل
وأشار المؤلف الفاضل إلى قضية لي مع مصلحة التلفونات كان له الفضل في كسبها قبل أربع سنوات
قال الأستاذ عبده: (منذ يومين أرسل إلى الأستاذ عباس العقاد حكماً صدر ضده قاضياً بإلزامه بأن يدفع لوزارة المواصلات مبلغ ٤٧٥ قرشا والمصروفات، قال الأستاذ أنه يريد أن يعارض في هذا الحكم تمسكاً بوجهة نظره، فإن القيمة التي طالبته الوزارة بها هي أجرة مواصلة بين تلفونين كانا له حين اصدر صحيفة الضياء فلما ترك هذه الصحيفة نقل كلا