كانت ألمانيا عام ١٩١٤ تعتقد أنها ستمحو فرنسا في أسابيع معدودات. ولكن الحرب مع ذلك دامت أربع سنوات. وقد تكون الحرب الأسبانية أكثر دلالة على أن الحروب العصرية ليست من الحروب القصيرة المدى، وإن تفوقت الدول المحاربة في التسلح. لذلك نستطيع أن نقول إن الحرب الأوربية الحالية ستكون حرب اجتياح
وتدل الجهود المضنية التي تبذلها ألمانيا في سبيل إصلاح حالتها الاقتصادية، على أن الدول الدكتاتورية لن تجد الفرصة المواتية في مثل هذه الحرب
ويقول (ميجر - جنرال توماس): أن القوة الاقتصادية في الحروب الطويلة لها شأن أعظم من القوى الحربية، وقد برهنت الحرب العظمى عام ١٩١٤ - ١٨ على صدق هذا القول. وهو في الأيام الحاضرة يزداد صحة وتأييداً
إن نظام ألمانيا الاقتصادي يقوم منذ زمن طويل على أسس واعتبارات حربية، وتدل محاولاتها في غرب أوربا على حاجتها الملحة إلى الحنطة والبترول
ولا مفر من الاعتراف بأن ألمانيا أقل استعداداً للحرب من الناحية الاقتصادية مما كانت عليه سنة ١٩١٤. فالثروة الألمانية أقل مما كانت في ذلك العهد. والألمان لا يستطيعون أن يقوموا بإنتاج الأطعمة والسلع التي تسد حاجتهم أيام الحرب، بل لا يستطيعون كذلك أن يحافظوا على التوازن اللازم بين الصادر والوارد. فهم إذن إما أن يثقلوا كاهلهم بالديون أو يلجئوا إلى الاحتياطي الضئيل الذي لديهم من الذهب فينفقوه
ويعتقد (بول إبنزج) الاقتصادي الإنجليزي المشهور أن الاحتياطي الذهب سيكون له الشأن الأول في هذه الحرب دون سائر الشؤون الخاصة بالحرب. ومما لاشك فيه أن ألمانيا لم تكن في عهد من العهود أكثر استعداداً من الناحية الاقتصادية مما كانت عليه سنة ١٩١٤، ومع ذلك فقد ضاقت بها سبل الاقتصاد، ومن الحق أن يقال إنها جاءت وتسلحت، ولا يستطيع شعب من الشعوب أن يجابه الجوع والضغط أربع سنوات، تزداد حالته فيها سوءاً يوماً بعد يوم، ومن البديهي أن هتلر إذا استطاع أن ينال بعض الموارد عن طريق