[نميمة الأسلوب]
(لكاتب من الكتاب)
(ينم عليه أسلوبه)
كنت أرسلت إلى مجلة الرسالة كلمة أُحاور بها قلبي، ولم أُذليها باسمي الصريح، وإنما اكتفيت بالإشارة إلى أني (كاتب من الكتاب) فرأيت صاحب (الرسالة) يضيف إلى هذا الرمز عبارة (ينم أسلوبه عليه)
فهل كُتِب عليّ أن أعيش فريسة النمائم فأنتقل من كرب إلى كرب إلى أن تدركني نميمة الأسلوب؟!
وأين المفر من مظالم النمائم إذا صح أني لن أنجو من نميمة قلمي؟. . .
إن الرجل لا ينمّ أسلوبه عليه إلا بعد أن يصبح (كاتباً من الكتاب) تُنصَب لرأيه الموازين، وأنا كاتب من الكتاب منذ أعوام طوال، فما الذي غنمتُ من براعة القلم ورشاقة الأسلوب؟
ما الذي غنمتُ وأنا أمتشق القلم منذ أكثر من خمس وعشرين سنة بعزيمة أقسى من الصخر وأصلب من الحديد؟
ماذا غنمت وقد كنت كاتباً وشاعراً قبل أن يولد فريق من الذين تؤذيني عندهم نميمةُ قلمي؟
وهل أستطيع أن أطمئن إلى أن قلمي سيشفع لي إن قلتُ إن صحبته أضرعتني وإني أحتاج إلى الراحة بضعة أسابيع؟
وهل للقلم دولة في هذه البلاد حتى نجعله وسيلةً إلى الراحة من بعض المتاعب؟
وكيف وما كانت متاعبي في دنياي إلا مكاره ساقها قلمي إلى قلبي؟
وهل يُراعي القراء ما نطوِّق به أعناقهم من ديون؟
لقد غنّيت أهل زماني أناشيد أيقظتُ بها في صدورهم من أحلام غافيات، وأحييت فيها ما في قلوبهم من مَوَات، فأين من يُسعدني بكلمة صدق أدفع بها عُدوان زماني، لأمضي على سجيتي في السجع والغناء، ولأضمن السلامة من نميمة الأسلوب؟
وأين في الدنيا كلها من يتوجع لمصير البلبل حين يسكته المرض أو الموت؟
احتجزني فلان في الطريق ساعة أو بعض الساعة وهو يحاورني في شؤون دقيقة من خصائص حيات الأدبية، فظننته - وهو من أهل الجاه - يحاول أن ينصفني من زماني. ثم