أصيب المسرح المصري في السنوات الأخيرة بضربات شديدة قضت عليه أو كادت. وانه ليحتضر الآن. ولا مفر من أن نشيعه عاجلا أو آجلا إلى مثواه الأخير لنعيد خلقه من جديد إذا وسعتنا الحيلة، وتوفرت الوسيلة، وتهيأت الأسباب التي تؤدي بنا إلى هذه الغاية.
وانظر كيف أصبح اليوم، وماذا كان بالأمس، وها نحن أولاء في أواخر ديسمبر والموسم المسرحي لم يبدأ إلا منذ أيام، ويالها من بداية فاترة لا تبشر بخير ولا تسفر عن عظيم. ولا نرى من الفرق القديمة إلا فرقة رمسيس، ثم إن هناك فرقة دار التمثيل العربي التي ألفت هذا الموسم وما نظن أن العمر سيمتد بها كثيرا لفقرها المادي والمعنوي وان كنا نرجو مخلصين للأستاذ عزيز عيد كل توفيق ونجاح، فقد خدم المسرح في السنوات الأخيرة خدمات كثيرة لا شك في قيمتها ونفعها، ولقد كان وما يزال من أهم العوامل البارزة في المسرح.
وهذا الفشل الذريع الذي أصيب به المسرح يرجع إلى عوامل عدة، يتصل بعضها برجال المسرح أنفسهم، وبعضها بالحكومة والبعض الآخر بظروف لم يكن في الوسع التغلب عليها إلا بتضافر القوى والجهود وهو ما لم يحدث مع الأسف.
وأعتقد مخلصا ان رجال المسرح هم الذين يحملون العبء الأكبر من المسئولية في هذا الانحطاط الذي وصلت إليه حالة المسرح اليوم. وأذ أقول رجال المسرح إنما اعني في المقدمة مديري الفرق لأنهم الرءوس المفكرة والأيدي العاملة، ثم هم الممولون الذين يتحكمون في كل شيء بحكم سيطرتهم المإليه فعليهم تقع التبعة الكبرى، ولا مناص لهم من مواجهة الحقائق والاعتراف بخطئهم.
قام نزاع شديد بين النقاد وبين مديري الفرق حول تقدير ذوق الجمهور الفني وتذوقه لبعض الأنواع من الروايات وإقباله عليها. فمديرو الفرق يقولون أن الميلودراما هو النوع المفضل عند الجمهور وان الروايات الفنية التي يطلب النقاد تمثيلها، لا يتذوقها المتفرجون ولا يقبلون على مشاهدتها الإقبال الذي يضمن لمدير الفرقة نفقاته التي تكبدها فضلا عن الربح