للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من لغو الصيف:]

إلى الإسكندرية. . .

للأستاذ سيد قطب

إلى الإسكندرية. . .

لابد من تغيير الهواء في هذا العام. . . فها هي ذي أعصابي تعلن الثورة، وتعلنها وتعلنها، ثم تمل من هذا الإعلان فتضرب إضرابا تاما وتنام!. . . وها هو ذا الطبيب والطبيب والطبيب، لا يجدون في جعبتهم - بعد أن أتناول نصف ما في صيدلية حلوان من الأدوية حقنا وتجرعا وبلعا - إلا أن يقولوا: غير الهواء!

لا بد من تغيير الهواء في هذا العام. . . فقد انقضت سبع سنوات عجاف ولم أغادر فيها حلوان شتاء ولا صيفا إلا أياما في الصعيد - في مطلع الصيف - (للتفتيش)! التفتيش لحساب وزارة المعارف (ولا أدري متى تغير هذا العنوان، ومتى تغير - تبعا لهذا - وظيفته فتجعلها مثلا (التوجيه) اسما ومعنى (.

لم يكن تفتيشا في الواقع. لقد كان نفيا!

كانت الحرب، وكانت الأحكام العرفية، وقال الوزير: لا بد أن يفصل هذا الموظف أو ينفي من الأرض أو يشرد فيها. فقد أبلغتني إدارة الأمن العام عنه أشياء!

إدارة الأمن العام؟ أي إدارة الأمن العام!. . . وأبلغتني أنه يعمل لحساب المعارضة. . . ثم إن (دوسيهه) ليس نظيفا. فيه إنذاران على كتابته في الصحف مقالات سياسية وهو موظف!

موظف. أي عبد. لا رأي له في قضية بلده، ولو لم يكن لهذا الرأي صفة الحزبية!

وأبلغت أنني منفي من الأرض. وقررت أن أستقيل! وأباها الرجل الأريحي الدكتور طه حسين. وقال: لن تصنعها وأنا هنا في الوزارة!

قلت: ولكنني لن أخضع لأهواء الوزراء. واجهوني بما يقال عني، ثم اصنعوا ما تشاءون. وسأصنع كذلك ما أشاء!

قال: وإذا استقلت فماذا تصنع وأنا أعرف أعباءك الثقال؟ قلت: أصنع ما يتيهأ لي، فلست من عجزة الديوان!

<<  <  ج:
ص:  >  >>