تفضل أستاذنا الكبير الزيات فنوه - مشكوراً - بكتابنا (الأدب بين الجاهلية والإسلام) في عدد سابق من الرسالة الغراء، ولكنه لاحظ بعض الملاحظات فيما رجعنا إليه من كتابه (في أصول الأدب). والحق أننا لا نجحد فضله في هذا الكتاب وفي كتابه الآخر (تاريخ الأدب العربي)، وليس أدل على هذا من أننا أشرنا إليهما في كل مناسبة من كتابنا، كما لا ننكره أثره في الأدب العربي بوجه عام. وإنما كان المنهج الدراسي الذي لاحظناه في تأليفنا يقتضينا الاقتصار في بعض الموضوعات على التخليص أو الإشارة، دون تغلغل في التفصيل أو تعمق في التحليل، وخاصة بعض الآراء الفرضية كعلاقة بين أدب وآدم. أما موضوع (العوامل المؤثرة في الأدب) فقد كان هدفنا أن نرشد الطلاب الناشئين إلى كل مصدر، وندلهم على كل مرجع متقدم أو متأخر. وقد كتب في هذا الموضوع الأستاذ أحمد الشايب، وإن كنا نعلم أنه رجع في هذا الموضوع - كما رجع في غيره - إلى كاتبه الأول (الزيات)، كما كتب فيه الدكتور أحمد ضيف في مجلة دار العلوم أبريل سنة ١٩٣٧؛ أما كتاب (التوجيه الأدبي) فعذرنا في الإشارة إليه كمصدر آخر، هو أننا لم نكن نعلم ما ذكره أستاذنا الكبير الزيات بك من اعتماد الدكتور عبد الوهاب عزام على محاضراته فيه.
فالمسألة إذن مسألة عرض مصادر، وعى الباحث المستقصي أن يعرف الفضل لصاحبه فليس في ذكر هذه المصادر بجانب كتاب الأستاذ (الزيات) بك مجافاة لإنصافه، أو إنكار لسبقه، أو جحود لفضله. فحسبنا دليلاً على حسن النية أننا لم نغفل التنويه بصاحب رأي، ولم نهمل الإشارة إلى مرجع، ولم نجحد مصدراً رجعنا إليه.
أما أستاذنا وأستاذ الأدباء (الزيات)، فإنا نكن له من الإجلال، ونعرف له من الفضل على الأدب، ما يسموا على كل شبهة، ويقره كل أديب.