للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صحيفة أدب وأخلاق]

عطفة القاياتي

للأستاذ حسن القاياتي

بقية ما نشر في العدد الماضي

إنا ليملكنا الزهو باطلا بالكمالي البحت من ابتناء الضخم وإصلاح الطرقات ولا نعمل على الحاجى الحتم من ابتناء النشء وإصلاح العقول، ولولا النبل في بناة الأهرام لما فخرنا بالأهرام

يبني الرجالَ وغيره يبني القرى ... شتان بين قرى وبين رجال

ما أبين الرياء الخلقي والاجتماعي فينا! هذه حالنا من القذر الجسماني والمنزلي والشعبي لا ما تسمع أيها القارئ، بل ما تشهد وما تلمس لا ما تحدث. وقد حدثني ناظر أولي أن طبيب مدرسته رأى إحدى النافذات في المدرسة بدون أسلاكها الدقيقة فغضب لصحة التلاميذ غضبة كادت تعطل الدراسة لولا توسل صاحب المدرسة إليه واستخذاؤه

إنا لأمة لا قوام لأمرنا ولا اعتدال، فينا ينبت نشؤُنا على المذابل وشواطئ المستنقعات، ولا يقنعنا الصلف أن يدرس هذا النشء إلا في الروضات والجنات!

ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدد دون العالمين أو القبر

أما وقد أجرت كلمتنا حديث الحمامات القديمة فطالما عرفتنا وعرفناها كما عرف العصريون حماماتهم وعرفتهم. دخلنا نحن حماماتنا قديماً وآنفاً ودخل العصريون حماماتهم، وتجردنا لها داخلين وتجردوا داخلين إليها وخارجين، ودخلناها جنساً واحداً ودخلوها ومعهم الجنس اللطيف، فان تصعَّد في حمامنا نَفَس أو ندِىَ جبين فإنما يتصعد النفس أو يندي الجبين في الحمامات العصرية من بعض ما تجد أصحابنا من حرقة على الحسن المتجرد السليب أو غضاضة على الحسن

ما أفتن الحمامات في مصر، أندية ترفيه، ومجالي نعمة وغضارة! بل مبتعث حكمة آونة وعظة، يقبل عليها شيع متباينة من الناس حتى إذا نكَّرهم في صورهم التجرد من الثياب وهي مظهر الجلال الزائف، نكرهم في نفسياتهم وطبقاتهم فلا يستبين للناظر المتوسم فيهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>