يا دار، ليتني ضللت إليك الطريق. . .! منذ سنوات وسنوات، كنت مغداي ومراحي، وكنت سعادتي وانسي، وكنت دنياي الصغرى، تلتقي عندك أماني الشباب، تستيقظ فيك أحلام الهوى!
فأين يومك من امسك يا دار؟ أما يومك - وا أسفاه - فهذا الذي أرى: كومة من أحجار، إلا جداراً يريد أن ينقض! وأما أمس. . هل تذكريني يا دار. . .؟
أين، أين ألقى اهلك الذين ابتعدت خطاهم على الأيام، وأيان، أيان تعود لياليك التي طواها الزمان؟
هنا. . . منذ سنوات وسنوات. . . أودعت قلبي إلى ملتقى موعود؛ فأين منك الوديعة يا دار؟
ما أظن الأيام على سلطانها بقادرة على أن تهدم ذكراكِ في نفسي!
ومضيت أتخطى الأنقاض وهي تئن من تحتي أنين الواجد، حتى انتهيت إلى الهيكل المستباح!
يا لله! كل شئ حي في هذا المكان، أني لأسمع همس الذكرى يرجع في مسمعي حديث الماضي؛ وإني لأرى أطياف الحب ترف رفيف الحياة؛ وإني لأشم من حولي عبير اللقاء يتخطى بي الزمان والمكان؛ وإني لأراها هي أمامي كأول عهدنا يوم التقينا، فتعارفنا، فأسرت وأسررت النجوى!
مرحباً بك يا فتاة! يا لعينيك الساحرتين! ما لأهدابك تختلج كأنما تغالبين النعاس؛ ومالك صامتة لا تنسين كائناً غريبان في هذا المكان؟ ماذا؛ مالك معرضة منكرة. . .؟
إنني أنا هو فتاتي كعهدك يوم افترقنا على ميعاد. . .
ردي على ليالي، وصلى يومنا بماضينا. . . لقد ابتعدت عني بلا وداع شد ما تسخر الأماني!
وبدأ لي من خلل الدموع شبح شيخ يقترب بين الأنقاض. . . ذاك شيخ يدب على عكازة لوحتها السنون. . . يعلو حجراً ويهبط عن حجر؛ فدنا مني وقد تقلصت شفتاه عن مثل