استمد العباسيون قوتهم من الجيش الذي نما نمواً عظيما على أثر دخول الكثيرين في الإسلام وانضوائهم تحت لوائه، وقد بلغ عدده في عهد الخلفاء العباسيين الأوائل مئات الألوف من الجند، ووصل هذا العدد في العراق وحدها إلى ١٢٥. ٠٠٠ جندي. وكان هؤلاء الجند يكونون الجيش النظامي للدولة تدفع لهم رواتبهم بانتظام. ومن ثم قلت أرزاقهم تبعا لزيادة عددهم. ولما بلغت قوة العباسيين أشدها في بغداد، أصبح الجندي يتقاضى راتباً شهريا قدره عشرون درهما (وكان الدرهم يساوي أربعة قروش تقريبا)، وكانت هناك مع الجنود النظاميين طائفة أخرى من الجند المتطوعة من البدو، وطبقة الزراع وسكان المدن الذين اشتركوا في الحروب مدفوعين بعوامل دينية أو مادية
وكان تقسيم الجند تابعاً لجنسية أفراده: فمنهم الحربية وهم الفرسان الذين كانوا يتسلحون بالرماح؛ وهؤلاء من جند العرب. والمشاة وكانوا من الفرس ولاسيما الخراسانيين (وكان من سياسية الخلفاء أن يحكموا عرب الشمال والجنوب بتركهم يحارب بعضهم بعضا)؛ حتى إذا ما انقضى العصر العباسي الأول دخل في الجيوش العباسية عنصر جديد ما لبث أن غدا له النفوذ، وأصبح أشد خطراً من الخراسانيين، وهو عنصر الأتراك الذين كانوا يكونون القسم الرابع من الجيش العباسي. وما انفكت جموع هؤلاء الأتراك تتدفق سنة بعد سنة على أسواق بغداد حتى استطاعوا أن يصلوا من هذه الأسواق إلى بلاط الخلفاء ثم إلى جيش الخليفة أخيراً؛ وقد خصهم الخليفة برعايته أملا في أن يكونوا بذلك أقوى ساعد للخلافة العباسية. ومن ثم أصبحوا حراس الخلفاء، وسرعان ما أضحوا آفة على أهل بغداد الذين عانوا من جراء عنتهم وجورهم شيئاً كثيراً، وما لبث أن امتد نفوذهم إلى الخلفاء الذين غدوا تحت رحمتهم
وكان أكبر القواد المعروفين في أول عهد هذه الدولة أبو مسلم الخراساني، وكان تحت