للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إمرته جند الشرق الخراسانية؛ وعبد الله ابن علي العباسي على جند المغرب، وأكثره عربي من بلاد الجزيرة والشام. فلما خرج عبد الله بن علي على المنصور وانتصر عليه أبو مسلم بجنده الخراساني كان هذا انتصاراً للفرس على العرب، ومن ثم رجحت كفة الخراسانيين في الجيش؛ بيد أن المنصور خشي شر أبي مسلم وشر جنده، فقضى عليه، ورأى عدم الاعتماد على الخراساني، لأن العصبية العربية كانت لا تزال في قوتها، فاصطنع كثيرين من العرب، وسلمهم قيادة جنده، كما استعان ببعض أهل بيته. فمن أعظمهم عيسى بن موسى الذي انتصر على محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن العلوي وأخيه إبراهيم. وقد ظهر من قواد العرب معن بن زائدة الشيباني، وكان من قواد الأمويين؛ واشتغل مع يزيد بن عمر بن هبيرة أمير العراق وحارب معه في واسط، ولما سلم ابن هبيرة اختفى معن حتى كان يوم الهاشمية الذي ثار فيه الراوندية على المنصور، فقاتل عن الخليفة وهو ملثم، وأوقع برجال هذه الطائفة، ثم كشف للخليفة عن نفسه، فأمنه ووصله بعشرة آلاف درهم، وسماه (أسد الرجال) وولاه اليمن ثم سجستان، فبقي فيها حتى قتله الخوارج بمدينة بست سنة ١٥١هـ. ومن قواد العرب عمر بن العلاء وهو أعظم قواد المنصور، وفيه يقول بشار بن برد:

فقل للخليفة إن جَئته ... نصيحا ولا خير في المتهم

إذا أيقظتك حروب العدا ... فنبه لها عمرا ثم نم

فتى لا ينام على دمنة ... ولا يشرب الماء إلا بدم

وقد وجهه المنصور سنة ١٤١هـ لإخضاع أهل طبرستان، وكانوا قد خرجوا عليه، فنازلهم ابن العلاء طويلا، وفتح بلادهم من جديد، ولم يزل ممتعا بعطف المنصور، وابنه المهدي حتى مات في خلافة المهدي

أما الآلات الحربية التي كانت تجهز بها الجنود، فلم تكن تختلف كثيراً عن الآلات البيزنطية، فكان من أسلحتهم القسي والسهام والرماح والسيوف والفؤوس الحربية (البلط)

وكانت ملابس الجند تشمل تلك الملابس القديمة الملائمة لهم والتي كانت في نفس الوقت ذات منظر يدل على ذوق سليم: خوذة، ودرع، ومنطقة، وغيان. وكانوا يعنون عناية خاصة بالسيوف التي كانوا يصنعونها بطريقة فنية، ويحلونها بالفضة. وكانت السروج

<<  <  ج:
ص:  >  >>