الروضة جزيرة بها مقياس النيل واقعة بين مصر القديمة والجزيرة، وملخص تاريخها أنها من الجزر القديمة الحادثة قبل الفتح الإسلامي ولكن لا يعلم زمن حدوثها. وبسبب قربها من قاعدة الديار المصرية وطيب هوائها وموقعها ظلت في كل جيل مطمح أنظار الملوك والأمراء وذوي اليسار، وتعاقب عليها حالان فكانت تارة تجعل حصنا للدولة وأخرى متنزها حاويا للبساتين والدور والمساجد والحمامات كما يأتي.
الحصن القديم والحصن الطولوني:
لما فتح الله على المسلمين مصر وملكوا الحصن الشرقي المعروف بقصر الشمع لجأ المقوقس وقومه إلى حصن كان بهذه الجزيرة، وبعد تمام الفتح خرب الأمير عمرو بن العاص بعض أبراجه وأسواره ثم نما عمرانها بعد ذلك فكانت في ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر عامرة بالدور المشرفة على النيل من كل جهة، وكان بها خمسمائة عامل معدة لحريق يطرأ أو هدم. وفي إمارة أحمد بن طولون بنى بها حصناً ليحرز فيه حرمه وماله وذخائره لما بلغه مسير موسى بن بغا من العراق قاصداً مصر ثم أهمل بعد الدولة الطولونية فأخذه النيل شيئاً فشيئاً.
المختار والروضة:
وكانت بها الصناعة لعمل السفن الحربية فلما تولى محمد بن طغج الإخشيد على مصر نقل الصناعة إلى ساحل الفسطاط وأنشأ موضعها بستاناً سماه المختار وبنى فيه قصراً وأماكن له ولغلمانه، وكان يفاخر به أهل العراق، وبقى بعده فكان يتنزه فيه المعز الفاطمي وابنه العزيز، ثم في أيام استيلاء الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي على وزارة الفاطميين وحجره على الخليفة أنشأ في شمالي الجزيرة مكانا نزها سماه الروضة وبنى فيه المناظر البديعة، فمن حينئذ عرفت الجزيرة كلها بالروضة وكانت تعرف في أول الإسلام بالجزيرة وبجزيرة مصر ثم بجزيرة الحصن. هذا قول عامة المؤرخين، وقال ابن المتوج