انم سميت بالروضة لأنه لم يكن بالديار المصرية مثلها. وبعد قتل الأفضل بنى بها المأمون البطائحي الوزير منظرة بقيت إلى آخر الدولة الفاطمية، ويذكر المؤرخون انه بناها مكان الصناعة بعد أن نقل الصناعة إلى مكانها القديم بالفسطاط، ولا يخفى أن نقلها أول مرة من الجزيرة كان زمن الإخشيد كما تقدم، ولم نرهم ذكروا أنها أعيدت إليها ولا رأينا منهم من تنبه لذلك غير الإمام السيوطي في كوكب الروضة فانه علق على هذا الخبر بقوله (وهو يدل على أن الصناعة أعيدت إلى الروضة بعد أن نقلها الإخشيد إلى ساحل مصر حتى نقلت ثانياً).
الهودج:
ولما تولى الآمر بأحكام الله الخلافة أنشأ بها قصراً على النيل بجوار البستان المختار سماه الهودج وأسكن به زوجته الغالية البدوية، وسبب ذلك أنه كان مغرما بالجواري العربيات فبلغه أن بصعيد مصر جارية من أكمل العرب وأظرف نسائهم جميلة شاعرة فأرسل إلى أهلها وخطبها وتزوجها، فلما نقلت إلى القصر انقبضت نفسها من حيطانه واشتاقت إلى تسريح طرفها في الفضاء على ما اعتادته فبنى لها الهودج على شاطئ النيل بالجزيرة في شكل غريب وصار يتردد عليه إلى أن قصده رابع ذي القعدة سنة ٥٢٤ فلما بلغ رأس الجسر مما يلي الروضة وثب عليه قوم من النزارية كانوا كامنين له هناك وضربوه بالسكاكين حتى أثخنوه فحمل إلى منظرة اللؤلؤة بشاطئ الخليج وقد مات. قال ابن سعيد وقد أكثر الناس من ذكر الآمر والبدوية وابن عمها حتى صارت رواياتهم كأحاديث البطال وألف ليلة وليلة وما أشبه ذلك. فمما روي عنها أنها بقيت متعلقة الخاطر بابن عم لها ربيت معه يعرف بابن مياح فكتبت إليه من قصر الخليفة الآمر:
يا ابن مياح إليك المشتكى ... مالك من بعدكم قد ملكا