للأستاذ الفريق طه باشا الهاشمي رئيس أركان حرب الجيش العراق
وفيما يلي وصف الأرض العام في بلاد الحبشة: في الساحل أرض سهلة رملية، والرطوبة فيها تبلغ درجة عالية في موسم الأمطار، وحرها لا يطاق ألبتة؛ وكلما تقدمنا من الساحل إلى الداخل ارتفعت الأرض واختلفت تربتها وتنوع شكلها، فتكون ترابية وحصوية فصخرية فكلسية وهلم جرا، وتأخذ في التموج، وهذا التموج يجعل الأرض في بعض المحلات جبلية ذات غابات وأدغال، وكلما زاد الارتفاع كثرت الوديان الضيقة المكسوة بالغابات والأحراج الكثيفة. والانحدار في حافات الجبال شديد يحول دون تسلقها؛ والطرق فيها مسالك ضيقة تسلكها الدواب بصعوبة. وإذا ما دخلنا الهضاب اشتدت الوعورة، وازدادت المناعة. فالجبال تعلو في انحدار شديد، ويسيطر بعضها على البعض الآخر، وتكثر فيها المكامن والمضايق والفجوات والوهاد.
وقد شق الطليان طريقاً في مستعمرتهم اريترة يربط الميناء (مصوع) بالعاصمة (أسمرة)؛ وقد أنفقوا على شقه مبالغ طائلة من جراء انحدار الأرض وكثرة الوديان فيها؛ وكذلك السكة الحديدية التي تربط (مصوع)(بأسمرة) فإنها تعتبر من أرقى ما بلغه الفن الهندسي في مد السكك الحديدية، لأن السكة تتسلق الجبال ملتفة حولها عابرة على عدة جسور وملتوية الالتواء كله.
وتستطيع القوات القادمة من الساحل بفضل وسائط التجهيز والتموين السير في الأرض السهلة والأرض المتموجة، وإذا ما وصلت إلى السفوح الغربية بتوقف السير لمناعة الأرض وصعوبة سير العجلات والدواب فيها. ومع ذلك نجد أن فقدان المياه في الأرض السهلة والمتموجة مما يحول دون تسيير قوات كبيرة فيها.
الأمطار والبحيرات
والحقيقة أن بلاد الحبشة مدينة لغزارة الأمطار التي تنزل فيها، فهذه الأمطار تسقي بلاد الحبشة فتدر بركاتها على البلاد المجاورة لها، وتنزل الأمطار في بلاد الحبشة مرتين في السنة، صيفاً وشتاء؛ والصيف موسم الأمطار الطويل، فتبدأ الأمطار في هذا الموسم في أوائل آيار إلى نهاية أيلول، وتقع غالباً بعد الظهر، وتنزل بغزارة، وتقلب الأرض السهلة