للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٤ - في بلاد الأحرار]

للكاتب التركي الأستاذ آغا أغلو أحمد

للأستاذ أحمد مصطفى الخطيب

الحرية والجاسوسية

- ولكن أيها الأستاذ! أليس احترام الرجال العظام وتبجيلهم واجبا تقضي به رعاية الحقوق، والعرفان بالجميل؟

- بلا ريب! ولكن هناك حدودا بارزة بين خالص الاحترام والتبجيل. . ومحض التملق والرياء!

- كيف ذاك؟

- إن الاحترام والحب الحقيقيين يتطلبان الصدق والإخلاص، وشرطهما الأساسي أن تقول ما تفكر فيه أو تشعر به بغير زيادة أو نقصان. .

وعلى سبيل المثال أقول: ألا ترى لزاما عليك أن تصرح بما تراه من النقائص في أقرب الناس إليك، كابنك، أو أخيك، أو صديقك البار، وتواجهه بالنصيحة والإرشاد، بغية تقويم اعوجاه، وإصلاح عيوبه! قم ألا تعتبر مثل هذا العمل دينا عليك واجب الأداء تجاهه؟

والرجال العظام الذين تنجبهم الأمة، هم أعز وأغلى من الابن والأخ والصديق، لأنهم ينابيع الهناء، وأسس السعادة العامة المشتركة في الوطن

إذن أفلا يكون دينا علينا واجب الأداء أيضاً أن نون تجاه هؤلاء أصدق وأشد إخلاصا؟

ولكن المرائين والمنافقين لا يصنعون إلا نقيض هذا تماما. . فيخلعون على العظماء نعوتا زائفة، وينسبون إليهم مواهب وكفايات ليست لهم، ويظهرون جهلهم ونقائصهم وأخطاءهم بمظهر الفضائل العالية والمزايا النادرة، ويكتمون عنهم الصدق والحقيقة، ويدفعون بهم إلى الطرق الملتوية والمآزق. . ويرتبكون كل هذه الجرائم في سبيل الحصول على منافع شخصية محضة دنيئة فقط.

وفي الحق أن الرجل المتملق المتزلف لا يستطيع أن يكون صديقا حقيقيا لأي إنسان. . إذا أن فضائل سامية كالصدق والاستقامة والإخلاص ليست من نصيب ذوي النفوس المنحطة

<<  <  ج:
ص:  >  >>