للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أعتذر إليك. .!]

للأستاذ محمود محمد شاكر

أكتب هذه الكلمة محزون النفس لشيء اجترمته، كان أولى بي أن أصبر حتى لا أزل عليه. وذلك أني قرأت كلمة في بعض المجلات يقول فيها كاتبها: (فإذا منع الفقير حقه، فله أن يقاتل عليه، لأن الله يأمر بقتال الباغين (وإن طائفتان من المؤمنين اقتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي إلى أمر الله). ولا شك أن مانع الحق باغ) فاحتملتني العجلة وسوء الظن، أن أرى الكاتب قد استدل بالآية في غير مكان الاستدلال بها. فساء قولي في الرجل بين جماعات من الناس، إذ لم يقع لي إلا أن الآية في اقتتال طائفتين من المؤمنين ثم بغي إحدى الطائفتين على الأخرى. ولما سكن بني الليل أمس (السبت ١٢ جمادي الآخرة سنة١٣٧١) حاك في قلبي شيء لم أدر ما هو، وألح على أني اكتسبت في أيامي هذه إثما أخشى أن لا أفلت من عقابه. وارتفعت لعيني هذه الآية بختامها (إن الله يحب المقسطين)، فرأيت من العدل والقسط أن أرجع إلى تفسيرها، والى أقوال الأئمة في قتال أهل البغي، فعرفت ما لم أكن أعرف، أن بعضهم قد أستدل بها في مثل ما استدل عليه الكاتب الفاضل، وإن كان لطريقة الاستدلال عندهم نهج غير نهجه، وقيد فيما أطلقه. وإذا أنا قد ظلمته ظلما لا ينبغي. فلم أزل منذ تلك الساعة أستغفر الله لما فرط مني وما جرى من لساني من الكلم السيئ؛ واستغفرت له بما أسأت إليه بظهر الغيب.

فلما قرأت الرسالة في صباح ليلتي (الأحد ١٢ جمادي الآخرة) كنت أوشك أن لا أحمل القلم مرة أخرى للرد على الكاتب الفاضل في مقاله (أجل. . ذو العقل يشقى). ولكني وجدت السبيل قد تيسر لي أن أعتذر من سيئة اكتسبتها في الإساءة إلى رجل يظهر الغيب، لنفس الداء الذي نهيت الأستاذ عنه، وهو العجلة. وأنا لم أقصد نهيته إلا لما فيه خير له ولي إن شاء الله

وقد تبين لي بعد قراءة كلمته أني أخطأت أيضاً في الذي كتبت به إليه، فوقعت بما كتبت في نفس ما نهيته عنه. وما كان أغناني عن هذه الخصلة السيئة التي تجلب على غضب أستاذ فاضل، لم أسمع به ولم أعرفه، ولا أظنه يعرفني. والأستاذ الفاضل بلا ريب هو عندي أكبر مما ظن في نفسه، وإذا كان هو قادراً على أن يضن بكرامته، فالواجب على أنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>