أوقفتني كلمة الأستاذ علي الطنطاوي في التعقيب على المناقشة الأدبية الرفيعة بين الأستاذ سيد قطب والأستاذ محمود محمد شاكر حول منزلة العقاد والرافعي في الأدب الحديث، ولولا أني كنت أخشى أن أفسد هذا الحوار وهو في عنفوانه بين الأستاذين لما ترددت في أن أقول كلمة، ولكني احتبستها حتى قرأت تعليق الأستاذ علي الطنطاوي فرأيت أن موقفي المتزمت قد تحلل من قيوده
شاء الأستاذ علي الطنطاوي أن ينتصر للأستاذ شاكر وأن يكتسب له النصر، فلم يتوقعه، بل أكده لزميله، وليس في ذلك بأس كبير، فقد يكون الأستاذ شاكر عبر عن خوالجه تعبيراً محكماً فخيل إليه أن ذلك هو فصل الخطاب. والحق أن الأمر لم ينته، وأن بوادر الحال تدل على قوة مستجدة في كلام الأستاذ شاكر تنبئ بأن شدة المعركة لم تأت بعد، ولكن الأستاذ علي الطنطاوي يريد أن يظهر الأمر للقارئ كأنه انتهى
ثم ماذا؟
يأتي الأستاذ الطنطاوي مدافعاً عن (إنسانية) الرافعي فلا يجد ما يقول سوي أن الرافعي صاحب عقيدة، وأن العقيدة (مشتقة من العقد، قال في اللسان. . .) كأن الرجوع إلى اللسان مشكلة لا يتوصل إلى حلها إلا أمثال الأستاذ الطنطاوي، ولست أدري هل قرأ حضرته - على الأقل - كتاب (الآراء والمعتقدات) لكستان لوبوب وهو كتاب ترجم منذ سنين ليعلم أن خلافاً في أمور العقائد لا يحله الرجوع إلى اللسان، ولو كانت الخلافات على العقائد تحل بالرجوع إلى القواميس لما قامت الحرب الأسبانية مثلاً!
ثم ماذا؟
ثم يأتي كلامه في الخلاف بين أدب الرافعي وشعر العقاد (فهو الخلاف بين الأسلوب الذي يعتمد على البيان والصحة والصناعة والجمال، وبين الأسلوب الذي يستند إلى المعنى المبتكر والصورة الجديدة، لم يظهرهما لفظ قوي، ولا أداء مستقيم) فالأمر كله في نظر الأستاذ الطنطاوي إنما هو أمر اللفظ القوي والأداء المستقيم. أما أننا نعيش في عصر