للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الحديث المحمدي]

للأستاذ محمود أبو رية

نقد الصحابة بعضهم بعضا:

لم يقف الأمر بالصحابة عند تشديدهم في قبول الأخبار - كما بينا ذلك من قبل، ولكن تجاوزه إلى أن ينقد بعضهم بعضاً.

وقد كان عمر وعثمان وعلي وعائشة وأبن عباس وغيرهم من الصحابة يتصحفون على إخوانهم في الصحبة، ويشكون في بعض مايرون عن النبي، ويردونه على أصحابه، وإليك بعض أمثلة من ذلك تجتزئ بها خشية التطويل.

عن محمود بن الربيع - وكان ممن عقل عن رسول الله وهو صغير أنه سمع عتبان بن ما لك الأنصارى، وكان ممن شهد بدراً، أن رسول الله قال: إن الله حرم على النار من قال لا إله الله يبغي بها وجه الله - وكان رسول الله في دار عتبان فحدثها قوما فيهم أبو أيوب صاحب رسول الله في غزوته التي توفي فيها بأرض الروم، فأنكرها على أبو أيوب وقال: والله ماأظن رسول الله قد قال ماقلت!.

وقد استبدلت المر جثة بهذا الحديث ونحوه على مذهبهم وقال الشاطي في الموافقات: إن عائشة ردت حديث (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، وحديث رؤية النبي لربه ليلة الإسراء، وروت هي وابن عباس حديث أبي هريرة، إنما الشؤم في ثلاث).

أما حديث عذاب الميت فقد رواه الشيخان وغيرهما وفيه أنه ذكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى النبي أنه قال (إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه) فقالت: وهل إنما قال رسول الله إنه ليعذب بخطئه وذنبه وإن أهله ليبكون عليه، وفي رواية (والله ماحدث رسول الله أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه). وفي رواية إنك لتخبرني عن غير كاذب ولا متهم، ولكن السمع يخطئ وفي القرآن مايكفيكم (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وقالت عائشة مثل قوله (أي حديث أبن عمر) أن رسول الله قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول! إنما قال) إنهم الآن يعلمون أن ما كنت أقول لهم ثم قرأت (إنك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور).

وأما حديث رؤية النبي ربه ليلة الإسراء فقد رواه البخاري ومسلم عن عامر بن مسروق،

<<  <  ج:
ص:  >  >>