للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من وحي الهجرة]

شكاة ونجوى. . .

(مهداة إلى الرجل الكبير الذي أخذ بيدي في الحياة. . . إلى

خالي)

للأستاذ شكري فيصل

- ١ -

. . . متى يا رسول الله متى. . . تكتحل عيناي بالتطلع إلى مقامك الكريم في أرض النبوة الطاهرة. . . ويقدر لي أن أقف بين يديك: أقرؤك السلام، وأبثك الحنين، وأَفني في لثمات أعتابك؟. . .

لقد طال بي الشوق، يا رسول الله، إلى التراب الذي لامس قدميك، والأرض التي وطأت ركائبك، والجو الذي نثرت فيه النعيم والسلام. . . فمتى يا رسول الله. . . متى؟. . .

إن الحنين ليحدوني، وإن الحب ليهزني، وأني لأجد في قلبي النور، وفي عيني الضياء، وعلى شفتي النغمات الحلوة. . . حين أراني في مقامك يا رسول الله: هادئ النفس، مطمئن الخاطر، كما يطمئن الإنسان إلى خيالات الأمل، ويهدأ إلى صور الخير، ويهيم في أودية من الجمال. . .

. . . متى يا رسول الله: ينسم عبق مكة، فأنتشي بهذا النسيم. . . وأعب منه ملء رئتي، وأذكر معه هذه البلاد التي كانت مثوى الضلالات، ففاضت بالنور. . . وكانت مثابة العصبيات، فتدفقت بالتسامح. . . وعاشت أبداً في ظلام الجهل وحماقة الهوى وسلطان الغرض. . . ولكنها بدلتها أنوار المعرفة ونعمة العقل وزينة العلم. . .

. . . إني لتستثيرني الذكرى يا رسول الله. . . يا أسمى من كل إنسان، وأرفع من كل بشر، وأكرم من كل مخلوق. . . فأصمت لنجواها العذب، وأنصت لحديثها الرطب، وأهيم في دنياها الرفافة التي تموج بالأمان، وتزدهر بالسلام، وتتسم بالحب. . . فمتى يا رسول الله. . . متى أمرّغ خدي بأعتابك الطهور وأقبل بشفتي أرضك الحلوة، وأغيّب وجهي في أطراف الستائر التي ترف حواليك رفيف الأمل في القلوب الآيسة. . . كأنما تنعش فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>