للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

حوادث الطلبة وانعدام المثل

وقعت في موسم الامتحانات الحالي حوادث من بعض الطلبة، كان بعضها دامياً وكانت كلها داعية إلى الأسى والأسف، فقد أطلق طالب بكلية الطب الرصاص على لجنة الامتحان، واعتدى طالب بكلية الآداب على أستاذ منعه من الغش، وهجم طلبة كلية التجارة على لجنة الامتحان ليختطفوا أوراق الإجابة وضبط طالب (كبير) في كلية الحقوق - وهو موظف في الدرجة الأولى بإحدى الوزارات - وهو ينقل الإجابة من كراسة كان يخفيها.

وقد كانت هذه الحوادث موضع أحاديث المجالس، كما كانت أنباوها من مواد الصحف الهامة في هذا الأسبوع، وقد ذهب المعلقون عليها مذاهب شتى، فمنهم من يمصص شفتيه أسفاً على ما وصلت إليه أخلاق الجيل الجديد، ومنهم من ينحي باللائمة على مناهج التعليم المزدحمة بما لا تساوي فائدته ما بتجشمه الطلاب في وحفظه بلا وعي، ومنهم من يذكر مضار الإفراط في تناول القهوة والشاي والأقراص المنبهة التي تنهك القوى وترهك الأعصاب.

وكل ذلك صحيح، ولكنها أعراض ظاهرة وأمور مباشرة يستطيع المتأمل أن يلمح وراءها عاماً قلقاً، فتلك الحوادث تجتمع كلها عند الرغبة في الأخذ الهين دون بذل الجهد الذي يقتضيه النجاح، وليست هذه الروح في جو الطلبة فقط، بل تجدها في مختلف الطوائف والطبقات، أنظر إلى هذا الموظف الطالب (الكبير) لم تكفه الدرجات التي نالها حتى وصل إلى الدرجة الأولى، بل (سمت همته) إلى الحصول على مؤهل عال بطريقة هينة لعله يقفز إلى وكيل وزارة مثلاً أو غير ذلك مما تداعبه به أحلامه. . .

فما مبعث هذه الظاهرة؟ ومن أين جاءت تلك الروح؟ وهل هي تنزل على نفوس الطلبة مثلاً من السماء أو تتسرب إلى نفوسهم من الجو المحيط بهم على سطح الأرض؟ ممن يتلقى الشباب مثلهم في مطلع حياتهم؟ أليس ذلك من الآباء والأساتذة والزعماء والحاكمين؟ أليست عيونهم تتفتح على الوساطات في دخول المدارس والجامعات وفي الإعفاء من المصروفات بل في النجاح في الامتحانات؟ أليسوا يسمعون عن حظوظ من سبقوهم في

<<  <  ج:
ص:  >  >>