أردت أن أجمع بين هذه الكتب وهؤلاء الكتاب؛ لا لأنها تتفق في فكرة أو اتجاه، ولا لأن بينهم - في هذه الأيام - مصافاة أو مجافاة!. . . ولكن لأن كلاً منهم يجري في كتابه هذا على منهجه ويستخدم أفضل قواه
خطر لي مرة أن أكتب مقالاً أو مقالات تحت عنوان:(لا يعرفون أنفسهم!) وفي مقدمة من كنت أعنيهم بهذا العنوان ثلاثة من الكتاب: طه حسين، وتوفيق الحكيم، وأحمد أمين!
من المبادئ الاقتصادية الأولية أن يستخدم الفرد أحسن مواهبه؛ وهؤلاء الكتَاب لا يستخدمون أحسن مواهبهم في كثير من الأحيان، فلو كنت أملك الحجر على الناس في بعض التصرفات، لحجرت على هؤلاء الثلاثة في بعض الاتجاهات! تحقيقاً لهذه القاعدة الاقتصادية، وتحقيقاً لمصلحتهم ومصلحة الأدب على السواء
فأما الدكتور طه حسين، فهو لا يعرف نفسه حقاً حين يحاول أن ينشئ أدباً غير ذلك الاستعراض الحلو لخطرات النفس وخلجات الضمير، وغير ذلك اللمس الخفيف الرفيق للانفعالات والوجدانات. الاستعراض هو فن طه حسين الأصيل الذي يجيده في (الأيام) و (على هامش السيرة) و (مع أبي العلاء في سجنه)، ثم في (دعاء الكروان) وفي (الحب الضائع) في هذه الأيام
فأما حين يسرف في استخدام مواهبه، حين يستخدم مواهب الصف الثاني لديه - إذا استعرنا الاصطلاحات الحربية - في مثل (الأدب الجاهلي) و (مع المتنبي) وفي نقد الكتب