ولا تجب الزكاة عند الشافعي إلاّ فيما زرعه الآدميون قوتاً مدخراً؛ أما البقول والخضر التي ليس لها ثمرة باقية فلا زكاة فيها
أما المواشي فلا زكاة فيها إلا إذا كانت سائمة ترعى الكلأ فتقل مئونتها ويتوفر درها ونسلها، فإن كانت عاملة أو معلوفة لم تجب فيها زكاة. وبعدُ أليس في هذا كله تفريق؟. . .
وقبل أن نختم المقال يجب ألا يفوتنا ذكر النصاب الذي يحتم الفقه الإسلامي الوصول إليه حيث تؤخذ الضريبة متصاعدة بعده، ولا ضريبة على ما دون النصاب في جميع الممتلكات والثروة. وقد جعل الإسلام لكل شيء من ذلك نصابه المعلوم، فنصاب الغنم مثلاً أربعون، والبقر ثلاثون، ومحصول الزرع خمسة أو ست، والذهب عشرون مثقالاً، والفضة مائتان. . . الخ
ولا ريب أن في هذا عدلاً، إذ يستثني به كثير من الفقراء عن دفع الضريبة، ويقع معظم ثقلها على عاتق الموسرين المترفين
لعلي بهذا قد عرضت على القارئ صورة لما كان يراعَى في ضرائب الإسلام من العدل، ولكن تذكر يا سيدي القارئ، ما قلت لك آنفاً، من أن العدل ليس وحده هو ما يلزم للضريبة المثالية من أركان، فثمة، على الأقل، ثلاثة أركان أخرى، كما وضع آدم سميث، لازمة للضريبة المثلى هي:
(١) الإنتاج (٢) والملاءمة (٣) ثم اطمئنان الحكومة والدافعين إلى ما يؤخذ أو يعطى. . . ولكن يا ترى هل كان الإسلام معنيّاً بجميع هذا الأركان في صداقاته؟ أجل. . . ولعلي أستطيع أن أفي ذلك بعض حقه في فرصة أخرى