أحببت أن أتكلم عن الإسلام والديمقراطية لأني رأيت بعض الصحف الأجنبية كلما تعرضت للنظم في مصر قالت: ليست الديمقراطية مادة للتصدير! وهي تقصد أنها لا تصلح لنا ولا نصلح لها. وما علمت أن قوما يدينون بالإسلام حرام أن تضيع الديمقراطية بينهم
وإذا ناديت أن الإسلام دين الديمقراطية فإني استوحي التنزيل الحكيم، وأستلهم الحديث الشريف، وأستهدي المأثور من أقوال أعلام الإسلام، واحكم في ضوء الأعمال الخالدة في تاريخ الإنسانية، ليتم لي القول أن دين محمد قد كتب للحرية أجل الصفحات وأروعها، وقرر من مبادئ الأخاء أسماها، ومن قواعد المساواة أعلاها. فكان دين الديمقراطية من الوجهتين النظرية والعملية، وكانت خير ديمقراطية أخرجت للناس
إذا اعتبرنا ميلاد الديمقراطية الغربية إعلان حقوق الإنسان في الانقلاب الفرنسي الكبير عام ١٧٨٩ فان الإسلام قد سجل مبادئها قبل مولدها في أوربا بأكثر من ألف ومائتي عام. وإذ كان الفضل للمتقدم، فالفضل للإسلام في تحرير الإنسانية من ربقة الاستبعاد، وخلاصها من أغلال الأوهام
جاء الإسلام فوضع قواعد الديمقراطية في غير جلبة ولا ضوضاء، ودون أن يحدث هزة عنيفة في كيان الأمة العربية، بل دون أن يريق قطرة واحدة من الدماء. على حين أن الروح الديمقراطي لم يستطع أن يتنفس في جو أوربا، وبذور المساواة لم تنبت في البيئة الغربية، إلا بعد قرون ثلاثة حافلة بالثورات، وصراع دموي بين طبقة الأشراف وطبقات الشعب، صبغ ارض أوربا بالدماء
وسترون إن الإسلام جاء بالأخاء الصحيح، والمساواة الحق في حين أن الديمقراطية العصرية، باعتراف أنصارها وخصومها على السواء، لم تبرأ من شوائب النظم البالية العتيقة
الديمقراطية، في اصطلاح العلوم السياسية، هي النظام الذي يحكم الشعب فيه نفسه بنفسه، أما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارهم عنه