لو كان الأدباء (إلهيين) يقدمون لله الأزهار التي يقطفونها بأقلامهم من حديقته قبل أن يقدموها للناس، لحسبوا للحق والشرف والجمال الأصيل أكبر حساب، ولاستحيوا أن يقدموا لعين الله الناقدة العالمة كلاماً باطلاً أو دنيئاً أو زائفاً. . . ولكن كثيراً منهم رضوا بأن يكونوا (وثنيين) ينحتون من الألفاظ أصناماً يزوقونها ويصرفون الإنسانية بها عن وجه الله في بعض الأحيان. . .!
فهم يقدمون أزهارهم للأعين الكليلة البليدة مُغْفلين (الفنان الأعظم!) الذي يجب أن يرفع إليه كل عمل جميل شريف حتى يوقع عليه بطابعه. . .
ما هو الجمال؟ ما هو الحق؟ ما هو الشرف؟ لولا الله. . .
كل المعايير والموازين ساقطة باطلة مبلبلة إذا لم تكن في يده هو!
كل الصدق كذب. . . وكل الخير شر. . . وكل الحق باطل إذا لم يقله لنا هو!
ما الفرق بين صانع الكلام وصانع الأحذية إذا كان مدار الكلام هو الخبز. . . أو إرضاء جمهور الحرفاء أو الشهرة الجائعة التي لا تشبع أبداً؟
إني أقرأ بعض صحف الكلام فأشعر أنها من حقارتها وذلتها كالنعل. . . وكالنعل البادية القذرة لكثرة ما فيها من خروق عقل صاحبها أو خروق خلقه. . .
إن حاسة البيان جانب مقدس لأنها خاصة الإنسان المترجم عن الإلهية، فيجب أن يكون فيها ذلك السيال الخفي في الأصوات أو في السطور
وإن في حديقة الله أعاجيب وتهاويل وحقائق كبيرة لا يسمح إلا للأقلام النظيفة بالقرب منها ورصدها وتقريبها لذوي النظر القاصر من الإنسانية المادية العاملة التي ليس لها وقت للوقوف عند كل شيء ومحادثته وأخذه في النفس بالتأمل والدرس
إن في الأدب صوفية وكذلك في الفن على العموم، والصوفية نظافة وإدراك مرهف ودوران حول النفس والطبيعة وحساب دقيق للنسب بين الموجودات ثم نظرة دائمة إلى الفنان الأعظم!
فمتى يدرك الأدباء أن هذا أساس البيان وأن مقاييس الشرف الأدبي تسقط الأدب الكاذب أو