للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جميل نخلة المدَّور

(١٨٦٢ - ١٩٠٧)

للأستاذ كوركيس عواد

١ - كلمة في تراجم رجال العصر

ما زال الشيء المدون من تراجم رجال عصرنا ضئيل القدر. فالباحث يحار في أكثر الأحيان، ليقف على ترجمة هذا أو أخبار ذاك! لأن ما بأيدينا من هذه التراجم لا يتعدى العشرات! وأما أكثر العلماء والكتاب وغيرهم، فلا شأن لهم في تلك المدونات. إذ يأتي هؤلاء فيعملون ثم يذهبون إلى حيث يذهب الناس، ثم تندثر أخبارهم وتطمس معالمهم! ولو أحصينا كتب تراجم المحدثين لما تجاوزت العشرة على ما نظن. وهذا شيء زهيد، إذا ما قيس بالأسفار الموضوعة في تراجم الأقدمين. فللمؤلفين القدماء كتب لا تحصى في تراجم الرجال عامة، أو في تراجم طبقة أو فئة خاصة منهم. فأفردوا للأطباء مثلاً تراجم، وللوزراء تراجم، ومثل ذلك قل عن الأدباء والشعراء والنحاة والحكماء والمحدثين والفقهاء والحفاظ وغيرهم. بل إنك تجد تآليف خاصة بمدد من السنين: كتراجم رجال المائة السادسة أو السابعة أو الثامنة وهلم جرا؛ كما تلفى كتباً في تراجم من عاش في قطر ما أو بلدة ما، أو تراجم رجال المذاهب والفِرق، أو من تميز بصفة أو أصيب بعاهة، كالمعمرين والمتطفلين والعميان. أو غير ذلك من صنوف التراجم التي يطول بنا ذكرها. وإن تمادينا في تعداد ما صنفه الأقدمون في التراجم، وقسناه بقلة ما صنعه المحدثون فيها، وجدنا ما في أيدينا من هذا التآليف الأخيرة شيئاً نزراً، يسعف في بعض الأحوال، ويخيب آمالنا في أكثرها!

٢ - سبب كتابة هذا المقال

والذي حملنا على كتابة هذا المقال، هو كلمة قلناها بشأن مقال ثمين عقده الأستاذ الفاضل محمد عبد الغني حسن في هذه المجلة بعنوان: (مدن الحضارات القديمة) ثم أجابه حضرته على كلمتنا المذكورة بعبارة رقيقة، دلت على سمو أدبه، وسعيه وراء الحقيقة أينما كانت. وقد طلب فيها أن أكتب ترجمة لجميل نخلة المدور. وما كدت أبدأ بذلك حتى وجدت

<<  <  ج:
ص:  >  >>