للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في عالم الكتب: نقد وتعريف]

موكب الأشباح

ترجمة الدكتور عبد الحميد عنبر والأستاذ فتحي عبد الوهاب

هذا الكتاب الجديد يندرج تحت عنوانه طائفة من القصص المطولة والأقاصيص القصار، منقولة نقلاً أميناً عن جهابذة الفن القصصي في الغرب من أمثال موباسان وسمرست موم وبييرميل وغيرهم ممن لمعت أسمائهم في عالم القصة الزخار.

والكتاب مصبوب في قالب من الأخيلة والرموز على نمط تلك الأقاصيص التي برع فيها الكاتب السويدي هانز أندرسن.

وأحد المترجمين الفاضلين، وهو الأستاذ محمد فتحي عبد الوهاب معروف لقراء (الرسالة) بتلك البحوث العلمية القيمة التي يطالعهم بها بين الفنية والفنية. وهو الذي تولى عن زميله تقديم الكتاب. وأعترفبأني أعجبت بهذه المقدمة أو بالجانب الأكبر منها؛ لأنها تكشف عن كثير من جوانب الضعف الإنساني، فنحن (نحلق في أجواء الخيال فنبني قصوراً من المخاوف، ونخلق أنواعاً من مسوخ فرانكنشتاين ومصاصي الدم أمثال دراكيولا، وغير ذلك من غريب ما يخلقه الفكر).

بيد أني وقفت طويلا عند قول الأستاذ عبد الوهاب (إذا بحث باحث عن تاريخ قصص ما وراء الطبيعة يجد إن من أهم أسباب نشأته الخرافات والمعتقدات والرغبة في معرفة ما وراء الموت ثم الخوف والرهبة من الظلام) إلى آخر ما قاله في هذا الباب من تفصيل يتناول المدارس المختلفة لقصص ما وراء الطبيعة.

أقول إني وقفت طويلاً عند قول الكاتب هذا، ثم أعدت تلاوة المقدمة خشية أن يكون فاتني منها شئ، غير إني تأكدت إنه لم يفتني منها شئ، وإنما فات الكاتب الفاضل، فإن قصص ما وراء الطبيعة كانت بداءة ونشأة للأدب الرمزي، ذلك أن الأدباء الأقدمين اصطنعوا الكناية ليعبروا برموزهم عن مقاصدهم السياسية التي لو افصحوا عنها لقطعت رءوسهم وبذلت أرواحهم، وقد سبق إلى ذلك ابن المقفع فأنشأ (كليلة ودمنة) وأورد أراءه السياسية كلها حكاية على ألسنة الحيوان والوحش والطير، ثم قفاه أبو العلاء المعري فحلق في (رسالة الغفران) إلى السماوات السبع ودخل الجنة وانحدر إلى الجحيم، وكذلك فعل مؤلف

<<  <  ج:
ص:  >  >>