كتاب (ألف ليلة وليلة) وإن كتاب (الكوميديا الإلهية) الذي وضعه دانتي الإيطالي في العصر الوسيط لمثل بارز على أن المؤلف أراد أن يرمز إلى آرائه الخفية في الإصلاح الديني وفي النهضة الأوربية التي كانت تتمخض في عهده.
إذن فليس الخوف من المجهول وحده هو الدافع إلى سرد قصص ما وراء الطبيعة والتخويف بالغول والعنقاء والهورلا التي ينقل المترجمان الفاضلان قصتها، ذلك لو أننا جارينا كاتبنا الفاضل على هذا الرأي لسلبنا هذا النوع من القصص ركناً من أهم أركانه، فهو من أهم دعائم الأدب الرمزي الذي يميل إلى التضمين الخفي والكناية البعيدة.
والكتاب الأحرار في عصور الطغيان يفزعون إلى هذا النوع من الأدب فيستنطقون الحيوان ويناجون الأشباح، وهم في ذلك كله إنما يومئون إيماءات ذات مغزى ويبدون آراء لها قيمة فيما يجري من الأحداث.
وبعد فإن الكاتبين الفاضلين ليستحقان الثناء على ما بذلا منجهد وعلى ما قدما من صنيع.
منصور جاب الله
ماتزيني
تأليف الأستاذ علي أدهم
ماتزيني علم من أعلام الجهاد الوطني، ومثل من أمثلة الصبر على المكاره في سبيل الغاية المنشودة. وحسبنا أنه قضى أكثر من خمسين عاماً يقاسي آلام النفي والتشرد مكافحا ضد استعمار النمسا لبلاده إيطاليا، وعاملاً على تحقيق استقلالها ووحدتها. وقد عاش حتى رأى وطنه يستقل ويتحد فكان في مقدمة بانيه. ولماتزيني من جهة أخرى اشتغال بالأدب ورأي في النقد، ولو تفرغ لهذا لكان من أعلام الأدباء.
وقد صور لنا الأستاذ علي أدهم شخصية متزيني تصويراً دقيقاً قام على التمحيص والاستيعاب، فأنت تقرأ في كتابه هذا عن متزيني الزعيم الوطني المجاهد ومتزينيالأديب النقادة.
وقد أحسن الأستاذ أدهم صنعا بتقديم هذه الشخصية الفذة لأبناء العربية في وقت هم فيه أحوج ما يكونون إلى المثل في الكفاح والصبر على المكاره.