للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فلسطينيات):

الضحية. . .

للأستاذ نجاتي صدقي

رأيت مرة صديقاً يسير كئيبا حزينا، فسألته الخبر، فلم يجب بأكثر من كلمة.

- (وقعت). . . واختفى. . .

فلم أفقه ماهية النكبة التي حلت به، وعزوت ذلك لدين لم يتمكن من سداده، أو لخلاف وقع له مع زوجته، أو لمشكلة طرأت له في وظيفته. . .

ثم غاب عن ناظري أسبوعين كاملين، إلى أن رأيته يوما يجلس في مقهى من مقاهي (يافا) وأمارات البشر والحبور تبدو على قسمات وجهه.

- قلت له: لا بد أن يكون قد حدث لك حادث، تحاول إخفائه عني، مرة تسير كئيبا ثم تختفي أسبوعين ثم ظهرت ثانيا مسرورا، فما هي قصتك؟.

قال: أفقت مرة من نومي وأنا أحس بألم لا يطاق في ذراعي اليمنى، وكانت أعصاب يدي متوترة، وكنت أجد صعوبة شديدة في قبض أصابعي، فحاولت أن أنزع لباس النوم، فلم أستطع، وأمسكت فنجان القهوة فسقط على الأرض. . . ثم أردت أن اكتب شيئاً فلم تطعني أناملي، ثم جاءني ولدي وطلب مني أن أبري له قلمه، فلم يعمل السكين في القلم. . . فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم وهرعت إلى الطبيب.

فلما رويت له ما حدث لي، اهتم بالأمر وقال:

- المسألة في غاية التعقيد. . . وأود قبل فحص جسمك أن أفحصك بالأسئلة التي ستنير لي سر مرضك. . .

فسألني عن اسمي، وعن اسم أبي وأمي، وأين قضيت أيام طفولتي، وأين نشأت وترعرعت، وأي المدن سكنت، وهل سبق أن أصبت بأمراض، وما هي أنواعها. . . وهل أعرف شيئاً عن أمراض بارزة في عائلتنا. . . وهل قمت بأعمال جسدية يوما ما، ثم ما هي طبيعة عملي الآن، وهل أكثر من الكتابة أو المطالعة. . . وهل أميل إلى التفكير العميق أو السطحي، وأخيراً كيف أقضي ساعات الفراغ، أأقضيها في المداعبات. . . أم في التأملات. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>