للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في الزواج]

للأستاذ عباس محمود العقاد

بعد القصص الغرامي أو قصص الحوادث الأخاذة، لا أحسب أن الجمهرة الغالبة من القراء يهتمون بموضوع عام كاهتمامهم بالموضوعات الاجتماعية التي لها مساس بالرزق أو مساس بالعلاقات بين الجنسين، وعلى رأس هذه الموضوعات الحب والزواج؛ لأن الأمر في هذه الموضوعات وما إليها لا يقتصر على الأفكار المجردة أو البحوث الأفلاطونية التي يشتغل بها الدارسون وأصحاب النظر والتأمل دون غيرهم، ولكنه يشمل المسائل اليومية التي تعرض لكل إنسان في حياته الخاصة، وينتقل إلى المحسوسات التي لا محيد عنها لمفكر ولا غير مفكر، والتي يعيش المرء مائة سنة وهو خلو من التفكير في شأن من الشؤون المجردة، ولكنه لن يخلو من معاناتها والانغماس فيها بحال

لهذا عرضتني الكتابة في موضوع الزواج لكثير من الطرائف التي تصلح للفكاهة كما تصلح للدرس والعناية. ومنها أنني سئلت لماذا لم أتزوج؟ وسئلت هل من حرج على المصرية المسلمة أن ترضى الزواج بالأجنبي الذي يحبها ويدين بالإسلام لأجلها؟ وسئلت: ما هو الفرق بين المرأة التي يرتضيها الرجل حليلة والمرأة التي يرتضيها خليلة؟ وهل معنى هذا الفرق أن الحليلات مفضلات على الخليلات، أو أن الخليلات مفضلات على الحليلات؟ وأيهما أصعب وأندر: شروط الحليلة أو شروط الخليلة؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة التي خيل إلي وأنا أتلقاها بالتليفون أو بالبريد، أنني أثرت خلية من النحل على غير عمد، وأنني أنا الجاني على نفسي بما أثرت!

أما من سألني لماذا لم أتزوج فكان جوابي له أن الزواج قيد، وأنني عشت حياتي كلها في مخاطرة لا غنى لصاحبها عن الطلاقة والحرية، وأنني بعد هذا وذاك أقول ما قاله الخليل بن أحمد حين سئل في قرض الشعر، فأجاب: إن الذي يرضاه من الشعر لا يجيئه، وأن الذي يجيئه منه لا يرضاه!

وأما المصرية المسلمة التي يبني بها الأجنبي المسلم فلا حرج عليها فيما أعلم. ولست أنا من المتشددين في منع السلالات الإنسانية أن تمتزج على السنة المرضية. بل قد مضى لي زمان كنت أصف فيه لقاح الجنس المصري والأجناس القوية علاجاً من داء الركود

<<  <  ج:
ص:  >  >>