للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والضوىَ

وأما الفرق بين شروط الحليلة وشروط الخليلة فالتمثيل هنا أجدى من الإفاضة في التحليل: الفرق بينهما كالفرق بين شروط البيت وشروط الفندق، أو كالفرق بين مطالب الإقامة ومطالب السياحة، أو كالفرق بين دوافع الطبيعة وروابط الهيئة الاجتماعية، أو كالفرق بين الواجب والهوى وبين الدرس والقصيدة. . . ومن لم يفهم الفرق بينهما من هذا التمثيل، فما هو بفاهمه من الإفاضة في التحليل

على أنني تلقيت من الأسئلة في موضوع الزواج ما هو أقرب إلى الجديات والشؤون الجوهرية، ومنها السؤال عما يزعمه الزاعمون قسوة من الشريعة أو العرف على المرأة الخائنة، وإجحافاً منها في التمييز بين حقوق الرجال وحقوق النساء

ورأيي أنا أن المرأة أسعد حظاً في مسألة الخيانة من الرجل بحكم الطبيعة التي لا حيلة لأحد فيها. فمن الإنصاف أن يكون الرجل أسعد حظاً في مسألة الخيانة بحكم العرف والشريعة

فالرجل يخون المرأة التي يحبها، ولكنه لا ينسب إليها ولداً من غيرها، ولا يستطيع أن يخدعها في صدق أمومتها لأبنائها، وهذا ضمان عظيم لا يظفر الرجل بنصيب منه بالغاً ما بلغ حرصه واطمئنانه. ولكن المرأة تسلط على الرجل عذاباً لا عذاب مثله، أو غفلة لا غفلة مثلها، كلما خانته وجاءته بولد من غيره وهو منسوب إليه، وكل جور من العرف أو القانون في التمييز بين الجنسين، فإنه لرحمة الرحمات بالقياس إلى هذه المزية التي ضمنتها المرأة ضماناً لا يتطاول إليه عرف ولا قانون

كذلك يحق للمرأة أن تلوم الطبيعة قبل أن تلوم الشريعة في التمييز بين حقوق الرجال والنساء، أو بين حقوق الذكور والإناث.

فالمرأة إذا حملت لم تحمل مرة أخرى في بطن واحد، ولكن الرجل ينسل مئات المرات وهي ولا تنسل إلا هذه المرة الواحدة. فليس من الطبيعي إذن أن يطالب الرجل بالوفاء الجسدي الذي تطالب به المرأة، وليس هذا من مقتضيات حفظ النوع ولا من مقتضيات تركيب البنية الجسدية

ويحق للمرأة أن تلوم الطبيعة قبل أن تلوم الشريعة في ناحية أخرى من نواحي التفرقة بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>