[من تحت الأنقاض]
(. . . . . .)
للأستاذ محمد محمود شاكر
حَسْرةٌ وَلَّتْ، وَأُخرَى أَقْبَلَتْ، ... كَيْفَ؟ مِنْ أَينَ؟ مَتَى؟ لم أَعْلَمِ!
مَوجةٌ سوَدَاءُ تَنقضُّ عَلَى ... مَوجةٍ في بَحْر لَيْلٍ مُظْلِم
تَتَفَانى وَهْيَ لاَ تَفْنى، وَكَمْ ... رَدَّهَا تَيَّارُهَا كالضَّيْغَمِ!
صَمّمَتْ، حَتَّى إِذَا مَا الْتهَمَتْ ... نُورَ أَيَّامِي طَاشَتْ في دَمِي
فَهْوَ أَموَاجُ ظَلامٍ: لا تَرَى، ... لا تُبَالِي، لا تَعِي، لا تَحتَمِي
زَهرةٌ حَنَتْ، فبَاحَتْ فَذَوَت ... أذْبَلَتْهَا نَفْحةٌ لم تُكْتمِ
شَكتِ الُبثَّ لِنَجمٍ سَاطِعٍ، ... ثُمَّ ظَنَّتْ في شُعَاعٍ مُلهِمِ
شَعْشَعْت عِطراَ، فَلَم يَعبأْ بِهِ ... لَثِمَ الْمَوطِئ أَمْ لَمْ يَلثَمِ
فَضَّ سِرٌّ سِرَّها، فَاننفَضَتْ، ... فَهوتْ سَاجدةً لمْ تُرحمِ
وَرَمَى النَّجمُ شُعاعاً وسَناً. ... ثُمَّ ضاعَ النَّجمُ بَيْنَ الأَنْجُمِ
قَدْ جَلا الوَهمُ عَرُوساً زُينَتْ ... لبَسَتْ حِليتَها للِمأتَمِ
إنَّما أثْواَبُها أكَفَنهُا، ... والأَغَانِي لَحْنُ قَبرٍ مُعتمِ
وَوُجُوهٌ أشْرقَتْ مِنْ نَشْوَة ... لمْ تَكْد. . . ثُمَّ هَوَت لم تَسلم
شَهَواتٌ أَشْعَلَتْ ثُمَّ خَبَت: ... لَمْ تكنْ إلاشَكَاةَ المُغْرَمِ
نَظرةٌ، ثُمَّ هَوى، ثُمَّ مٌنى، ... ثُمَّ. . . وانْفَضَّ كأنْ لم تَحْلُم
لاَ أرَى إلا فَنَاء أوْ سُدًى، ... فَبَصِيرٌ في ضَلالٍ أَو عَمِ
وَلَيَالٍ أَضْلَمَتْ أَنْوَارُهَا، ... وَلَيالٍ نُورُها لم يُظْلِمِ
وَهُما الدَّهرُ. . . فلا لَيْلَ ولاَ ... صُبحَ، بَلْ وَالِدةٌ لم تَعقمِ
وَحَيَاةٌ منْ فَنَاءٍ فُجِّرتْ ... لِفَنَاءٍ في حيَاةٍ يَرْتَمِي
كُلُّهُ لَمْحُ وَميضٍ خَاطِفٍ ... ثُمَّ. . . لا شَيَء. . . فَجَاهِد أَوْنَم
محمود محمد شاكر