بيلاطس هو الوالي الروماني الذي حكم البلاد اليهودية من قبل الإمبراطور طيبريوس عشر سنوات ظهر في أثناءها السيد المسيح وسيق إليه متهماً بما نسميه اليوم (الخيانة العظمى) والانتقاض على النظام القائم والدولة الحاكمة. فخشي بيلاطس أن يطلقه وأشفق من الحكم عليه وهو لا يدينه بجريمة، فأسلمه إلى قومه يدينونه بما عندهم من شريعة، ويجزونه بما اصطلحوا عليه من عقاب
وكان بيلاطس رجلاً حاذقاً أريباً ولكنه في بعض الأمور معوج الأساليب معرض للريبة والشكاية إلى (المراجع العليا) كما نقول اليوم
فمن أساليبه أن اليهود ثاروا عليه بتحريض الكهنة والرؤساء فلم يقمعهم بقوة القانون، ولم يرسل عليهم الجند ظاهرين، ولم يحمل أمام الناس وأمام المراجع العليا تبعة القمع والقسوة في علاج هذه الثورة، بل ألبس الجند ثياب الشعب وسلحهم بالمدى والخناجر وأمرهم أن يندسوا في غمار الشعب الهائج فيمنعوا فيه تجريحاً وتقتيلاً حتى يتفرق الجمع وتثوب المدينة إلى السكينة، ولا جناح عليه فيما زعم، فإنما هي مشاجرة جامحة بين يهود ويهود!
أمثال هذه الأساليب مع شيء من الطمع وشيء من الترف هي التي أخافته من اليهود ومن رفعهم أمره إلى عاهل الرومان فأسلمهم السيد المسيح وهو يقول في ضميره كما هو رأيه: يهود في يهود!
هذا هو بيلاطس. فمن أين جاءته الباشوية التركية ولم تظهر لها دولة في أيامه، ولم يكن لها معنى في ذلك العهد معروف؟
لم تجئه الباشوية التركية ولكنها جاءت إلى رجل يشبهه أقرب الشبه في العصر الحديث، وهو حاكم الإقليم المعروف ببحر الجاموس من أقاليم السودان في أعالي النيل، وهو كسائر الحكام هناك إنجليزي صميم لعله لا يحمل اللقب من الترك ولا من المصريين، ولكنه (وال) والوالي هناك لا يكون إلا (باشا) في لسان رعاياه، مجاراة للعرف الذي شاع في تلك الأقاليم النائية منذ سمعوا بالولاة العثمانيين
ولم يكن اسمه بيلاطس ولكنه عرف باسم بريدج، أو قد شاء المؤلف أن يعرفه لنا بهذه